مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية ‏ تناقش دور المكتبات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لـ(2030)

30-12-2018
حيدر داوود ‏
مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة ‏
تناقش دور المكتبات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لـ(2030)‏
أصبحت قضية المعلومات، وكيفية الحصول عليها، وجمعها وتنظيمها وخزنها واسترجاعها وسهولة الوصول اليها ووضعها في خدمات ‏الباحثين والعاملين في مؤسسات وقطاعات التنمية من القضايا الجوهرية؛ كونها تشكل ثروة وطنية لا تقل أهمية عن الثروات الطبيعية ‏والبشرية، وأصبحت لها مكانتها في تحقيق التقدم العلمي والتطور الثقافي والانتقال الى مجتمع المعلوماتي، إذا ما أحسن توظيفها من ‏خلال مؤسسات ونظم معلومات متطورة مزودة بأحدث تقنيات المعلومات والاتصالات والقوى البشرية المؤهلة والقادرة على التعامل ‏مع التقنيات وخدمات المعلومات. ومن هذا المنطلق، فقد ناقش مركز الفهرسة ونظم المعلومات التابع لمكتبة ودار مخطوطات العتبة ‏العباسية المقدسة دور المكتبات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لسنة (2030) وذلك من خلال إقامته حزمة من الندوات العلمية ‏التي تتمحور حول هذا الموضوع، وبمشاركة باحثين ومختصين بهذا المجال من داخل العراق وخارجه.‏
استهل حفل الافتتاح الذي أقيم في قاعة الإمام الحسن عليه السلام في العتبة العباسية المقدسة بحضور سماحة المتولي الشرعي السيد ‏أحمد الصافي (دام عزه) وأساتذة مختصين بقراءة آيات بينات من القرآن الكريم، تلاها على مسامع الحاضرين مقرئ العتبة العباسية ‏المقدسة السيد حيدر جلوخان الموسوي تلتها قراءة سورة الفاتحة ترحماً على أرواح الشهداء والنشيد الوطني ولحن الإباء، لتأتي من ‏بعدها كلمة الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة القاها المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي (دام عزه) ‏والتي بين فيها:‏
‏ لاشك أن العلوم المعرفية توسعت بشكل كبير، وكان الانسان حريصا على أن يتعلم ويكتشف، واستفاد كثيرا من علوم جمة خلال ‏التاريخ البشري، وهذه العلوم كُتبت ودُونت وتنوعت مصادرها المعرفية، اليوم العالم يميل الى الاختصاص في مجالات متعددة، وهذا ‏ما ندعو اليه، وهذا الاختصاص يضر من جهة وينفع من جهة أخرى، لكن موارد نفعه أكثر.‏
العالم باختصاصه يتطلب منه وقتاً كثيراً وجهداً، وقد تغيب عنه بعض العلوم التي من المفترض أن تساعده في اختصاصه، ‏والاختصاص عادة يعطي الدقة والدقة مطلوبة عند ملاحظة أي فكرة معينة، والإنسان يسعى الى أن تكون هذه الفكرة سليمة وله القدرة ‏على أن يحافظ عليها ويدافع عنها ويدفع الشبهات عنها ويرصنها الى ما استطاع اليه سبيلا.‏
‏ بعض العلوم علوم آلية استفاد منها الانسان، وقد أوصلته الى منافع أخرى، وإذا راعينا القواعد الموجودة وجدنا أنها تعصم الإنسان من ‏الوقوع في الخطأ، وهذه مهمة وتستدعي أن يقف الباحث عندها، والسر في ذلك أن المعلومات العلمية متناثرة، وهناك تراث لم يكشف ‏النقاب عنه، المقصود منه هو التراث المعرفي أي التراث الخطي الرقمي، والوسائل الحديثة بحمد الله تعالى توفرت، وبدأ التفتيش عن ‏المخطوطة وعن تحقيقها وإبرازها الى العالم.‏
مضيفا: إن الفهرسة الآن بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى غير مسألة التبويب المطلوبة، أنا كقارئ سوف أدخل الى المكتبة الرقمية ‏فكيف يتعامل معي صاحب المكتبة، هو يريدني أن أقرأ وأطلع فإذا لم يوفر لي الوسائل اللازمة لذلك فسيكون هذا نقدا لغرضه، هو ‏يريدني أن أقرأ لكنه لا يوفر لي عوامل القراءة، فالفهرسة تسهل على القارئ ما يريد من مصادر في اختيار الكتاب اختصارا للوقت، ‏وهذه العلوم بحمد الله بدأت تقفز قفزات كبيرة وكانت حصة العتبة العباسية المقدسة كبيرة كما يشار لها في بعض الندوات والمؤتمرات، ‏وهذا هو رضى أهل الاختصاص، لكن في الواقع ليس موقع رضانا لأني بدأت بكلمة (العلم لو أعطيته كلك أعطاك بعضه) حيث لا ‏زلنا في بداية الطريق ونطمح دائما للوصول الى مراتب متقدمة ومواكبة التطورات الحاصلة في مجال الفهرسة بمعية أهل ‏الاختصاص من ذوي الخبرة من أكاديميين وباحثين وترك بصمة من الإبداع في هذا المجال.‏
‏ كما بين أن ما مر على البلد خلال الفترة الماضية والطريقة التي استحوذت داعش بها على بعض الأراضي العراقية والطريقة التي ‏استخدموها في ذلك هي طريقة الإرهاب والتخويف، ولديهم الدراسة في ذلك وهي كيف تثير الخوف في نفوس الآخرين، وبالنتيجة هذا ‏المقدار ساعدهم على أن تستسلم بعض الناس أمامهم، وإن كان البعض لديه القدرة على أن يواجه، ولكن انهزم أمامهم هزيمة داخلية، ‏والأمة التي تفقد إرادتها لا تستطيع أن تدافع عن كرامتها ولا عن نفسها، والإنسان إذا كان مهزوما داخليا لا يستطيع أن يفعل شيئا. ‏
موضحا: عندما أفتت المرجعية العليا بالفتوى المباركة على الذين عاثوا في الأرض فسادا، استفاقت الأمة من هذه النومة، فبرز الى ‏هؤلاء فتية واستشهدوا، فمنهم من لم يتجاوز الحلم وآخر الشيخ الكبير الذي يتجاوز الثمانين عاما، وبمجرد أن استعادت الأمة ثقتها ‏بنفسها هزموا هؤلاء الدواعش، فقتل منهم من قتل وهرب من هرب في فترة زمنية قياسية، واستعادت البلاد عافيتها، فكانت التقديرات ‏لمن يدعي ويفهم في الجانب العسكري كانت الحرب تقدر بـ(30) سنة، وهو رقم فيه إحباط، لكن هؤلاء الفتية من الشباب العراقيين ‏أنهوها بـ(3) سنوات، وهذا في الواقع عار على من قال: إن الحرب سوف تستمر الى (30) سنة وتاج ونبراس الى المجاهدين الذين ‏استطاعوا في فترة قياسية بـ(3)سنوات أن ينهوها.‏
‏ فيجب أن لا تمر علينا هذه الأحداث مرور الكرام، بل لابد أن نستفيد منها ونحفظها، فاليوم الإنسان إذا أراد شيئا يستطيع أن يبدع، ‏وهذا الإبداع نابع من الثقة بالنفس، فعالمنا العربي يحتاج الى هذه اليقظة الحقيقية في إرادته، فهو يستطيع أن ينتج ويبدع، خصوصا ‏أننا نمتلك تاريخاً عريقاً له جذور عميقة من العلماء، وكانت لهم الصولة بعد الصولة.‏
‏ وفي ختام كلمته، بيّن أن هذه الندوة في الحقيقة هي ليست استعراضا للموجود، لكن نريد أن نستفيد من الموجود لغرض التطوير ‏والإبداع ولغرض إعادة الثقة لأنفسنا من خلال ما عندنا، سواء كان في المجال الرقمي أو المجال المكتبي.‏
‏ وأتمنى المزيد من الإبداع للعاملين في هذا المجال باستنطاق العقل والفكر، ويمكن أن نصل الى ما وصل إليه الآخرون أو أكثر من ‏ذلك، والكثير يعرف أن العتبة العباسية المقدسة قد تعتمد على الطاقات العلمية المحلية، ولدينا الثقة أن هذه الطاقة المحلية لها القدرة ‏على الإبداع.‏
ومن ثم كلمة لرئيس الاتحاد العربي للمكتبات القاها الأستاذ الدكتور خالد الحلبي حيث جاء فيها:‏
أتقدم بالشكر الجزيل الى الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة والى إدارة المكتبة ودار المخطوطات ومركز الفهرسة ونظم المعلومات ‏على حسن دعوتهم لي للمشاركة في هذه الندوة العلمية، وأود أن أنقل سلام وتحيات أعضاء الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات في ‏كافة أرجاء الوطن العربي.‏
‏ وأتشرف أن أكون أول رئيس للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات يزور العراق، وهذه شرارة بدء أن تكون المكتبات العراقية في ‏خطة التنمية المستدامة لـ(2030) التي أطلقتها الأمم المتحدة عام (2015) ووقعت عليها جمهورية العراق، فسوف يكون العراق كما ‏كان عليه في الماضي.‏
‏ هنيئا لمركز الفهرسة ونظم المعلومات في العتبة العباسية المقدسة لاهتمامه بهذا الموضوع الذي يحمل بين طياته التنمية المستدامة ‏وملامح حضارية وإنسانية تتفق مع روح الإسلام والموارد التي أقرها القرآن الكريم وأعلنها الله سبحانه وتعالى.‏
مبيناً في ختام كلمته: إن طمس الهوية لأي شعب تبدأ بتدمير تراثه الفكري والحضاري، وإن شعبا بلا حضارة هو شعب بلا هوية، ‏ويجب أن ننتبه الى الحقيقة، فالمخاطر دائما ما تدور حول المكتبات، وكم من مكتبة دمرت في عالمنا العربي والإسلامي، ليس ‏المقصود في هذه المكتبات مجموعة الأوراق بل المقصود من ذلك هي الثقافة العربية والإسلامية، وهذه المكتبات أمانة في أعناقنا ‏فيجب الحفاظ عليها وعلى هذا التراث.‏
أعقبت ذلك كلمة لوزارة التخطيط العراقية ألقاها بالنيابة المدير العام لدائرة التنمية الإقليمية والمحلية الدكتور محمد محسن السيد بين فيها:‏
‏ تعمل الحكومة العراقية ووزارة التخطيط بشكل عام على تحقيق أهداف التنمية المستدامة الذي شاركت فيه أغلب دول العالم ومنظمات ‏المجتمع المدني ومن ضمنها العراق، وتشكيل فريق حكومي دولي معني بوضع مقترحات لبناء إطار تنموي لأهداف التنمية المستدامة ‏وآليات تنفيذها.‏
‏ وقد استجاب العراق الى تلك الدعوة ضمن منظومة الدول العربية للمشاركة في برنامج التنمية المستدامة لسنة (2030) لتحقيق ‏الأهداف، ومن ضمن صيانة الموروث الثقافية وتحقيق المساواة بين أفراد المجتمع والأحكام القانونية.‏
لتختتم الجلسة الافتتاحية بورقة عمل كانت بعنوان: (تطبيق أهداف التنمية المستدامة في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية ‏المقدسة) قدمها كل من الدكتورة أزهار زاير جاسم والسيد حسنين الموسوي.‏
بعد ذلك توجه الحضور لافتتاح معرض مخطوطات وإصدارات العتبة العباسية المقدسة الذي أقامته المكتبة على هامش هذه الندوات ‏والذي ضم عدداً من الإصدارات والمخطوطات الثمينة.‏
هذا وقد استهلت الندوات أعمالها المسائية بورقات عمل كانت كما يلي:‏
‏- ورقة عمل كانت بعنوان: دور الجمعيات المهنية العراقية في مجال المكتبات والمعلومات في التنمية المستدامة للدكتور جاسم محمد ‏جرجيس.‏
‏- ورقة عمل كانت بعنوان: دور التشريعات والقوانين العراقية في حماية حقوق الملكية الفردية للسيد أحمد الساعدي من وزارة الثقافة ‏العراقية.‏
‏- ورقة عمل كانت بعنوان: إدارة التميز في مواجهة التحديات والتغيرات في المكتبة العامة المركزية في محافظة البصرة ودورها في ‏الاستثمار الوطني للدكتور علي عبد الصمد.‏
‏- ورقة عمل للدكتورة أنعام زاير كانت بعنوان: دور مؤسسات المعلومات في وزارة الصناعة والمعادن في تحقيق أهداف التنمية ‏المستدامة.‏
وبورقات العمل هذه تم الانتهاء من الندوة العلمية الأولى.‏