مركزُ تراث كربلاء يُقيم ندوةً بحثيّة علميّة

30-12-2018
علي طعمة ‏
بمشاركة باحثين ومختصّين
مركزُ تراث كربلاء يُقيم ندوةً بحثيّة علميّة تحت شعار‎:‎
‏ (التراثُ الكربلائيّ بعيونٍ أكاديميّة)‏
أقامت العتبةُ العبّاسية المقدّسة / قسم شؤون المعارف الإسلامية والإنسانية/ مركز تراث كربلاء وبالتعاون مع جامعة الكوفة ندوةً ‏بحثيّة موسّعة تحت شعار: (التراثُ الكربلائيّ بعيونٍ أكاديميّة)، بحضور الأمين العام للعتبة العبّاسية المقدّسة السيد محمد الاشيقر(دام ‏تأييده)، وعدد من الأكاديميّين المختصّين بالتراث العراقيّ، خصوصاً تراث مدينة كربلاء المقدّسة، وطلبة الجامعات.‏
استُهِلَّت الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم تلاها على مسامع الحاضرين المقريء ليث العبيدي، ليقرأ بعدها سورة الفاتحة؛ ترحّماً ‏على أرواح شهداء العراق الأبرار من القوّات الأمنيّة والحشد الشعبي المقدّس‎.‎
‎ ‎وعُزف بعد ذلك النشيد الوطني، ونشيد العتبة العبّاسية المقدّسة الموسوم بـ(لحن الإباء‎)‎،
ثمّ جاءت كلمةُ العتبة العبّاسية المقدّسة التي ألقاها مستشارُها الأستاذ المهندس طلال البير، وقد بيّن فيها قائلاً‎:‎
‎ ‎لا يخفى عليكم ما للتراث من أهمّية عُظمى، تتجلّى في منحه كلّ الشعب هويّته التي تميّزه عن غيره من الشعوب، كما يمنحها قيمتها ‏الاجتماعية والفنّية والعلميّة والتربوية، وهو المكوّن الأساسي للحضارة التي لا يُمكن لها أن تسمو وتخلّد لولا تظافر الخبرات ‏الحوزوية والأكاديميّة في اتّجاه بلورة ذاكرة الأمّة التي طالما عانت من التغيّب لعقود مضت، لتجد ضالّتها أخيراً في حملة مشعل ‏التراث الأصيل والمتمثّلة بسماحة المتولّي الشرعي للعتبة العبّاسية المقدّسة السيد أحمد الصافي(دام عزّه)، الذي خطا بتأسيسه المبارك ‏لمركز تراث كربلاء خطوات مباركة نحو خطى المجد والخلود، داعياً ومباركاً في الوقت نفسه الى الانفتاح والاستفادة من جميع ‏الجهود والخبرات التي من شأنها البحث والتنقيب الممنهج في تراث كربلاء، باعتباره جزءاً لا يتجزّأ من التراث الحضاري ‏والإنساني، ولما له من تأثير فاعل في صناعة الحاضر وصياغة المستقبل، وفاعليّة في تعزيز الروابط ما بين الماضي والحاضر‎.‎
‎ ‎كما أنّه يساعد على استمرارية المجتمعات، وتغيير هيكل المجتمع؛ ليصبح أكثر سموّاً ورفعة، بالتالي الى دفع عجلة التنمية الشاملة ‏في مختلف ميادين الحياة الى الأمام، فكان بالفعل وبجهود جميع العاملين في هذا المجال أن يظهر تراث هذه المدينة الخالدة متمثّلاً بالكمّ ‏الزاخر من المؤلّفات والبحوث والمقالات ذات القراءة العلميّة المنهجيّة الدقيقة التي تحاكي في ثناياها الوجدان للاطّلاع على تراث ‏مدينة كربلاء المقدّسة‎.‎
مشيراً: ما هذه الندوة المباركة التي تُقام هذا اليوم بالتعاضد مع جامعة الكوفة الغرّاء إلّا مصداقٌ واقعيّ عن كلّ ما سبق ذكره من ‏اهتمامٍ وحبّ بالتراث الإنسانيّ، وما اختياركم لعنوان (التراث الكربلائيّ بعيونٍ أكاديميّة) إلّا مصداقٌ آخر على كون التراث سيخرج ‏بحلّة مستوفية لجميع شروط المنهج البحثيّ من خلال الاتّكال على الأقلام الكفوءة ذات السمعة الممدوحة في خدمة بلدنا العزيز وتراثه ‏الثرّ‎.‎
واختتم البير: أدعو الأحرار والمهتمّين في أنحاء العالم كافة، أن يحذو حذوكم في الحفاظ على تراث الأمّة وحمايته، إذ يؤدّي فقدانه ‏وزواله الى زوال هويّته وفقدان ذاكرته، وأدعو جميع المشاركين والحاضرين الى إثراء ما أمكنهم من الحوار البنّاء الهادف للارتقاء ‏بمستوى البحث العلميّ‎.‎
‎ ‎كما أدعو الجامعات والهيئات العلميّة البحثيّة الى تأسيس تجارب مماثلة، يكون الغرض منها دعم وتشجيع الباحثين من مختلف ‏المستويات والأماكن؛ ليمخروا عباب التراث الكربلائيّ الذي أثق تماماً بأنّه كفيل بأن يتصدّر واجهة الحضارة الإنسانيّة إن لم يكن هو ‏كذلك الآن‎.‎
جاءت بعدها كلمةُ رئيس جامعة الكوفة ألقاها بالنيابة عنه مساعد رئيس الجامعة للشؤون العلميّة الأستاذ الدكتور محسن العبادي، قال ‏فيها‎:‎
‎ ‎ونحن نستظلّ تحت الظلّ الوارف للعتبة العبّاسية المقدّسة، وبجوار العبق العبّاسي الزكي الذي يحتضن اليوم هذا النشاط الأكاديمي، ‏الذي سبقه الإعداد والتنسيق المتواصل والجهود المنظّمة التي توحّد بها العمل المتميّز، والتنسيق المشترك بين مركز تراث كربلاء ‏وجامعة الكوفة‎.‎
‎ ‎ولم يكن هذا العمل الأوّل، فإنّ للمركز أعمالاً ونشاطات مشتركة مميّزة مع جامعة الكوفة التي دأبت على أن تطلع بدورها الريادي بما ‏تحمل من اسم له دلالته في العلوم الدينيّة والتاريخيّة، ففي نفس الوقت هي ترتقي للعلى في العديد من التصانيف العالميّة وتمدّ يدها من ‏خلال علمائها ومتخصّصيها للتشخيص والتحليل والمساهمة بالعمل الفعّال مع منظّمات المجتمع المدني‎.‎
‎ ‎أعقب ذلك افتتاح الجلسة البحثيّة للندوة التي ترأّسها الأستاذ الدكتور علي حجّي، والدكتور فلاح رسول الحسيني مقرّراً، وطُرِحت فيها ‏ستّة بحوث هي‎:‎
البحث الأوّل: كان للدكتور زمان عبيد وناس المعموري من جامعة كربلاء كلية التربية للعلوم الإنسانيّة وكان عنوان بحثه (الوراقة ‏والورّاقون في كربلاء حتى القرن 13 الهجري). حيث يعد انتشار مهنة الوراقة في اية مدينة دليلاً على مستوى الحركة العلمية في ‏مدارسها، وعمق الدراسات العلمية فيها، فهي اداة نستطيع بها بناء معيارية حقيقية عن ذلك، لذا ومن أجل هذه الأهمية، قمنا بدراسة ‏الوراقة في كربلاء ومدى انتشارها وحاولنا التأصيل لها، راجعين الى بعض الاصول المخطوطة التي افادت في ايضاح هذا‎.‎
البحث الثاني: للأستاذ الدكتور سلمان هادي آل طعمة-الجامعة الإسلامية لبنان، وعنوانه (التراث الشعري للشيخ محمد تقي الطبري ‏الحائري.. دراسة وتعليق). وبين الباحث الى أن من الشعراء الذين ظهروا في القرن الرابع الهجري في مدينة كربلاء المقدسة هو ‏الشيخ محمد تقي الطبري الحائري‎.‎
وقد ظل شعره محفوظاً لدى ولده‎.‎
البحث الثالث: للدكتور مرتضى عبد النبي الشاوي- جامعة الكوفة/ كلية الفقه/ وعنوان بحثه (الشيخ أبو المحاسن الكربلائي سيرة ‏موجزة وقراءة بلاغيّة في شعره(. وأكد الباحث الى ان الشيخ محمد محسن الجناحي الكربلائي المكنى بأبي المحاسن الكربلائي يعد من ‏أبرز اعلام الحركة الوطنية في مطلع القرن العشرين والداعين الى الوحدة العربية والنهضة الاسلامية‎.‎
‎ ‎البحث الرابع: للدكتورة هناء حسين علوان –جامعة الكوفة – كلية الفقه، وعنوان بحثها (التراث الحائري في كتاب الذريعة(. وبينت ‏الباحثة بأن كتاب الذريعة يعد من أهم كتب الببليوغرافيا في العالم الاسلامي، ولا نقول هو العمل المنفرد في تاريخ الكتبة الاسلامية إلا ‏أنه الأقوى عملاً في تاريخ المكتبة الاسلامية‎.‎
البحث الخامس: للدكتور علي جعفر محمد - جامعة الكوفة – كليه الفقه، وعنوان بحثه (منهج الشيخ عبد النبي الجزائري في كتابه: ‏حاوي الأقوال(. انجبت كربلاء المقدسة عدداً من رجالات العلم والتحقيق، وكان من بينهم العلامة المحقق الشيخ عبد النبي بن سعد ‏الدين الجزائري ت1021هـ النجفي التحصيل، الكربلائي الدار، كان فقيهاً مجتهداً ماهراً في الأصول والحديث والرجال‎.‎
البحث السادس: للدكتورة هاجر دوير – جامعة الكوفة/ كلية التربية، وعنوان بحثها (البحث الكلامي في تراثيّات الشيخ محمد مهدي ‏النراقي.. كتاب: جامع الأفكار وناقد الأنظار أنموذجاً‎).‎
يعد كتاب جامع الأفكار وناقد الأنظار الاثر الوحيد للشيخ محمد مهدي النقراني من حيث كماله، ولكونه غاية في الاطناب، والذي يعد ‏فريداً من نوعه الفه في سنة 1193هـ أي نهايات القرن الثاني عشر الهجري، اذ كان لدراسته في مراكز علمية عدة منها: اصفهان، ‏كاشان، مدينة كربلاء المقدسة، ومدينة النجف الأشرف الاثر البالغ في بلورة افكاره ونضجها‎.‎
الدكتور احسان الغريفي مدير مركز تراث كربلاء المقدسة، تحدث لجريدة صدى الروضتين قائلاً‎:‎
‎ ‎يقيم مركز تراث كربلاء المقدسة التابع لقسم شؤون المعارف الاسلامية والانسانية في العتبة العباسية المقدسة ندوة موسعة، وذلك ‏بالتعاوم مع جامعة الكوفة، وهذه ليست الندوة الأولى التي يقيمها المركز مع الجامعات العراقية، بل سبقتها ندوات اخرى مع جامعات ‏مختلفة، حيث وصل عدد البحوث في هذه الندوة الى 24 بحثاً، تنوعت الأبحاث بين التراث الادبي لمدينة كربلاء المقدسة والتاريخية، ‏بالاضافة الى الابحاث التي أحيت تراث شخصيات علمائية، وبينت نتاجاتهم الفكرية، فيمكن القول: إن المحاور التي اسست عليها ‏الندوة هي اثر علماء كربلاء في النجف الاشرف، وأثر علماء النجف الاشرف في كربلاء، والصلات العلمية بين المدينتين المقدستين، ‏وأضاف: هذه الابحاث تخضع الى لجنة علمية من الاساتذة الاكاديميين الجامعيين ومخرجات هذه الندوة ستنشر في مجلة تراث كربلاء ‏المقدسة الفصلية المحكمة‎.‎
وكان لنا لقاء مع الأستاذ الدكتور اياد الخفاجي رئيس قسم التاريخ في جامعة كربلاء المقدسة فنحدث قائلاً‎:‎
‎ ‎هذه الندوة الموسعة التي تقيمها العتبة العباسية المقدسة ضمن سلسلة ندوات لمركز تراث كربلاء المقدسة التابع لقسم شؤون المعارف ‏الاسلامية والانسانية، الندوة التي اقيمت بعيون اكاديمية للجامعات العراقية، وأضاف: سعت العتبة العباسية المطهرة أن تعطي دوراً ‏كبيراً للأستاذ الجامعي، ومن مختلف الجامعات العراقية، وابتدأت في جامعة كربلاء المقدسة قبل ثلاث سنوات، ومن ثم جامعة ذي ‏قار، وجامعة البصرة، والان تأتي جامعة الكوفة. وقد شملت الندوة 24 بحثاً، ألقي منها في الندوة ستة ابحاث‎.‎
‎ ‎مبيناً: إن الهدف من الندوة أن تعطي الفرصة الكبيرة للاكاديمي في الجامعات العراقية حتى يشاركوا بأنفاسهم واقلامهم العلمية، ‏وينظروا الى التراث الكربلائي بنظرة اكاديمية علمية موسعة‎.‎
‏ وقد حصلت بعضُ المداخلات، وطرحت بعض الأسئلة على السادة الباحثين من قبل الحاضرين، والإجابة عن تلك الأسئلة، والجدير ‏بالذكر أنّه قد شارك في هذه الندوة (24) بحثاً من مختلف الجامعات العراقيّة، وفي ختام الندوة وُزّعت الدروع والشهادات التقديريّة ‏على الباحثين والمشاركين فيها.‏