المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: التّقوى والقولُ السديد من الخصال المهمّة التي يجب التحلّي بها
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: التّقوى والقولُ السديد من الخصال المهمّة التي يجب التحلّي بها وعلى الإنسان أن يحرز التّقوى وأن لا يخدع الناس...
أكّدت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا أنّه على الإنسان أن يتحلّى بخصالٍ عديدة، ومن تلك الخصال وأهمّها هي التقوى والقول السديد، وأنّ التّقوى لابُدّ أن تسري منّا وتجري مجرى الدم وهي غير قابلة للتجزئة، وأنّها تجعل الإنسان يقول قول الحقّ، والقولُ السديد منشؤه التّقوى.
جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف اليوم الجمعة (24شعبان 1439هـ) الموافق لـ(11 آيار 2018م) وكانت بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزُّه) وهذا نصّها:
إخوتي أخواتي، قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الأحزاب: "بسم الله الرحمن الرحيم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا".
المُخاطَب في هذه الآية قال: (يا أيّها الذين آمنوا...) ثمّ بيّن مطلبين قال: (...اتّقوا الله وقولوا قولاً سديداً)، هناك مجموعة هائلة من الجزئيّات الكثيرة التي تنطوي عليها التقوى، وهي في غاية الأهميّة، ولذلك الوصايا الكبيرة في التّقوى (اتّقوا الله حقّ تقاته) (الله تعالى يوصيكم بالتّقوى) (ولباس التقوى خير).
لاحظوا الآن في حياتنا العمليّة من الممكن لبعض الجزئيّات أن نستفيد منها، في حياتنا العمليّة قد نتصوّر أنّ التقوى فقط في حالة المسجد وحالة الصلاة وحالة التكاليف والحجّ، مع أنّ التقوى لابُدّ أن تسري منّا أو تجري مجرى الدم؛ لأنّ التقوى لا تتجزّأ فأنا لا يُمكن أن أتّقي في صلاتي ولا أتّقي في عرض الناس، أنا أتّقي في الصيام ولا أتّقي في الوثوب على الأموال الخاصّة أو العامّة، التقوى لا تتجزّأ، الإنسان الذي يتخاصم مع غيره ولا يتّقي الله تعالى في رمي التّهمة ولا يتّقي الله تعالى في الكذب، ولا يتّقي الله تعالى في التزوير، ولا يتّقي الله تعالى في الرشوة، ولا يتّقي الله تعالى في التلفيق هذه كلّها منافية للتقوى.
الإنسان الذي يعمل في الاقتصاد يحتاج التّقوى، يعمل في الهندسة يحتاج التقوى، يعمل في السياسة يحتاج التقوى، يعمل في عموم المجالات في الطب مثلاً يحتاج التقوى، التقوى تُعطي للإنسان هذه الشخصيّة المتّزنة، أنّ الإنسان لا يضع رجله في مكان إلّا أن تكون فيه تقوى.
القرآن الكريم مع تشدّده على ذلك -ولعلّه في أكثر من أربعين مورداً- في هذه الآية الشريفة قال: (وقولوا قولاً سديداً)، لاحظوا هذا الجانب قطعاً التقوى تجعل الإنسان يقول قول الحقّ، معنى (قولاً سديداً) معناه قول الحقّ، والسديد من السدّ يعني من المنع، هذا أمرٌ محكم والحقّ دائماً هو أمرٌ محكم، الكلمة لها بعض المعاني، لكن كلّها ترجع الى هذا المعنى أنّ هذا أمرٌ محكم، القول السديد هذا معناه لذلك تقول لفلان حين تدعو له "سدّدك الله" "سدّد الله رميتك"، ندعو الى الإخوة المجاهدين نقول: "سدّد الله رميتكم" بمعنى أصاب الله وجعل هذه الرمية رمية محكمة.
القول السديد منشؤه التقوى لكن الإنسان إذا كان دائماً يتكلّم بالحقّ هذا يُعينه على أن يكون في داخله ميّالاً للحقّ وفي داخله يبحث عن التّقوى، لا يوجد أيّ مبرّر للإنسان أن يتنازل عن التقوى ويتنازل عن القول السديد.. على الإنسان أن يتّقي الله تعالى في الدماء، يتّقي الله تعالى في الأعراض، يتّقي الله تعالى في الظلامات، أنت عندك أجير ضعيف مستضعف، ولا تتّقي الله فيه فتظلمه وتأخذ ماله؛ لأنّه لا يستطيع أن يشتكي عليك مثلاً إذن أنت غير متّقي، أنت تأتي لشخصٍ تمجّده؛ لأنّ في يده شيئاً من حطام الدنيا إذن أنت غير متّقي لله تعالى، تعلم أنّك لا تحبّه ولكن تحبّ ما في يده، هذا ليس قولاً سديداً.
ولذلك فإنّ قضيّة التقوى والقول السديد من الخصال المهمّة، وعلى الإنسان أن يتّقي وأن يقول قولاً سديداً، كما ورد في الروايات: (قل خيراً وإلّا فاسكت) وأيضاً هناك رواية تقول: "لا يستقيم إيمان عبدٍ حتّى يستقيم قلبُه، ولا يستقيم قلبُه حتّى يستقيم لسانُه" نعم هناك ربط، التقوى في جوارحنا تحتاج الى عمل، أقول أنا متّقي في المسجد وأذرف الدموع وخارج المسجد أثب على مال الآخرين، أيّ تقوى هذه!!! "يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ".
نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا التّقوى في القلب والتّقوى في العمل والتّقوى في اللسان، وأن يوفّقنا أن نقول دائماً قولاً سديداً بمحمد وآله، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.