النصر السيستاني في ذكراه الأولى ج1
23-03-2019
نجاح بيعي
النصر السيستاني في ذكراه الأولى
قراءة في كلمة المرجعية العليا بيوم النصر على داعش في 15/12/2017م
اعتادت أمم الأرض وشعوبها أن تحتفي بانتصاراتها على أعدائها عبر التاريخ، ولكن النصر على عصابات تنظيم (داعش) له طعم خاص لدى الشعب العراقي دون غيره من الشعوب، فالنصر هنا لا يشبهه نصر على وجه البسيطة، فالعدو (داعش) وبشهادة (الدوائر العالمية الكبرى ومختبراتها) هو أقوى وأشرس وأعتى وأخس وأنذل وأظلم عدو عرفته البشرية في العصر الحديث, وباتوا على قناعة بأن شعوب (المنطقة) وأنظمتها السياسية عامة والعراقيين خاصة لا قِبَل لهم بهذا العدو البتة, وأنّ هذا العدو سيكتسح الجميع كالسيل الجارف ويحرق الأخضر واليابس دون أن يرق له قلب أو يطرُف له جفن..!
وإذا بالشعب العراقي الذي راهنوا عليه بأنه شعب (يحتضر)؛ بسبب ثقل أزماته المُتعددة, يقلب المُعادلة ويثب واقفاً كبطل أسطوري بوجه الهجمة الظلامية الشرسة, رغم كل جراحاته وآلامه، ويُبهر الجميع بوثبته تلك، ويصرع الموت، ليفوز بالحياة الحرة الكريمة, في زمن لم يعُد هناك شعب يُسجل مثل هكذا نصر على يد هكذا شعب, وعلى مثل هكذا عدوّ إطلاقاً.
والحق.. لم يكن ذلك النصر ليُكتب لولا (فتوى الدفاع المُقدسة) التي أطلقها المرجع الأعلى السيد السيستاني (دام ظله) فكان نصراً تاريخياً، ووطنياً، وإقليمياً، ودولياً بحق. ولهذا فمن الطبيعي أن تصبح (المرجعية العليا) و(الفتوى) و(النصر) معاً هدفاً وغرضاً لسهام كل مَن تضررت مصالحه، وأفشل مشروعه ومُخططه من المنهزمين والفاسدين والطائفيين.
لذا.. نرى ونلمس كثرة وتنوع الأساليب والطرق التي وظفت محلياً وإقليمياً ودولياً للنيل من (الفتوى) والالتفاف عليها وتشويهها وإفراغها من محتواها (الديني والوطني) ومن ثمّ مصادرة النصر المُحقق جرائها منذ أن انطلقت في 13/6/2014م وحتى إعلان (النصر) رسمياً (من قبل الحكومة) على داعش في 10/12/2017م.
وبالمقابل أيضاً، نرى ونلمس مواقف المرجعية العليا, عبر أساليب وطرق متنوعة ومنها منبر جمعة كربلاء كيف انبرت لتصحح المسارات وترد على أوهام وتوهم مَن يدّعي (البطولة والتحشيد والنصر) على العدو وتدفع الشبهات عنها، وتُثبّت بنفس الوقت أموراً مهمة مثل دور (المرجعية العليا) في المجتمع وبيان مقامها الديني السامي, ودور الفتوى المُقدسة الفاعل, وأحقيّة من لبّى وقاتل وضحّى وانتصر في معركته المقدسة ضد داعش, وتثبّت (النصر) المشفوع بالفتوى.
فالجميع يتذكر موقف المرجعية العليا المبدئي والمُعلن في خطبة الجمعة التي تلت جمعة إعلان الفتوى، وهي ترد مُنتقدة الإجراء الحكومي الطائفي آنذاك، والمتمثل بإصدار الأمر الديواني رقم (47) في 18/6/2014م والقاضي بتشكيل لجنة لتنظيم شؤون المتطوعين للقتال سميت بـ(لجنة الحشد الوطني) وضمت بالحقيقة جميع الفصائل المسلحة غير القانونية والتابعة للأحزاب السياسية (الشيعية) حصراً بما في ذلك التي الفصائل المسلحة التي تم تشكيلها بعد غزو داعش للعراق وقالت بالحرف الواحد: (إنّ دعوة المرجعية الدينية إنّما كانت للانخراط في القوات الأمنية الرسمية وليس لتشكيل مليشيات مسلّحة خارج إطار القانون..!)، مُسجلة للتاريخ وللملأ أول عملية التفاف (سياسي، حكومي، طائفي) على الفتوى المُقدسة, وأول حرف لمسارها الوطني من خلال استغلال مؤسسات الدولة والمناصب الحكومية في ذلك, مُصححة لتوهم أن المرجعية العليا (تؤيد أيّ تنظيم مسلح غير مرخّص به بموجب القانون).