المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: من موارد السّلامة صيانةُ الأوطان عمّا يعرّضها للمخاطر وعدم إضعاف تماسك مواطنيها أو إضعاف سيادتها والتفريط بحقوقها وحقّها في التقدّم والازدهار والرقيّ...
13-04-2019
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: من موارد السّلامة صيانةُ الأوطان عمّا يعرّضها للمخاطر وعدم إضعاف تماسك مواطنيها أو إضعاف سيادتها والتفريط بحقوقها وحقّها في التقدّم والازدهار والرقيّ...
بيّنت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا أنّ من موارد السّلامة المهمّة والمصيريّة صيانةُ الأوطان عمّا يعرّضها للمخاطر الداخليّة والخارجيّة، وعدم إضعاف تماسك مواطنيها وإدخالها في النزاعات والعداوات والفتن الداخليّة الدينيّة والمذهبيّة والقوميّة، أو إضعاف سيادتها وموقعها أو التفريط بحقوقها وحقهّا في التقدّم والازدهار والرقيّ وغير ذلك.
جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة ليوم (21 رجب 1440هـ) الموافق لـ(29 آذار 2019م)، التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ المطهّر، وكانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزّه)، وهذا نصُّها:
أيّها الإخوة والأخوات، الإنسان كفردٍ وأسرة ومجتمع يحتاج الى توفير مقوّمات الأمن والسّلامة والأمان والصحّة في منظومات حياته المختلفة، والحياة فيها مجموعةٌ من المنظومات المهمّة التي يحتاج الى سلامتها وصيانتها من الانحراف والزيف والفساد والضلال، وأنا أشبّه تشبيهاً عامّاً، الآن في منظومات الخدمة الحياتيّة العامّة هناك منظومات تخدم الإنسان، مثل منظومة الكهرباء ومنظومة الماء والمجاري والشوارع ومنظومة البيئة، وغير ذلك من الأمور التي يحتاج الى سلامتها من أجل أن يوفّر بيئةً صحيحةً وآمنة يستطيع أن يعيش من خلالها بأمانٍ واطمئنان واستقرار وتقدّم وازدهار.
هناك منظومات حياتيّة مهمّة جدّاً نحن غفلنا عن الحفاظ على سلامتها وصيانتها من الانحراف، وهي موجودة في حياتنا حتّى نحقّق هذه الأهداف، هناك المنظومة الفكريّة وهناك المنظومة العقليّة وهناك المنظومة الأخلاقيّة وهناك المنظومة الاجتماعيّة والاقتصاديّة، وهناك منظومة الأوطان والأعراض والأنفس وهناك المنظومة البيئيّة والصحيّة والمهنيّة.
مشكلتنا أن كثيراً من جهودنا واهتمامنا وعنايتنا تتوجّه للحفاظ على سلامة المنظومة الدنيويّة وسلامة الأمور الثانويّة وهي ليست بذات أهمّية كبيرة وحسّاسة في حياتنا، ولكن منظومة العقل ومنظومة المعرفة ومنظومة الثقافة ومنظومة الأخلاق ومنظومة العلاقات الاجتماعيّة ومنظومة الأوطان ومنظومة الأعراض، ومنظومة البيئة هذه مشكلتنا هنا لا نعطيها الاهتمام الذي تستحقّه هذه المنظومات.
لذلك لابُدّ أن نتوجّه ونلتفت الى أهمّية الحفاظ على سلامة هذه المنظومات، وأنا سأبتدئ بأوّل منظومة وهي المنظومة الفكريّة، التي تبتدئ بالحفاظ على سلامة العقل وسلامة الفكر وسلامة المعرفة، هذه المنظومة الفكريّة تتكوّن أوّلاً من المعرفة والثقافة والمبادئ النظريّة، المطلوب أن نهتمّ فرداً وأسرةً ومجتمعاً ومؤسّسات دولة بالمعرفة والثقافة والعلم، ونعطي هذه الأمور حقّها من الاهتمام اللازم.
إخواني.. حينما نقرأ عن بعض الدول إنّما تقدّمت؛ لأنّها خصّصت ميزانيّة كبيرة للعلم والمعرفة والدراسة والصحّة، يجب أنّ يكون اهتمام الناس (فرد وأسرة ومجتمع ودولة) بالمنظومة الفكريّة والثقافيّة اهتماماً كبيراً، مثلما تهتمّ بأمور الخدمات كأمور الصحّة مهمّة، تهتمّ أيضاً بالمنظومة الفكريّة والعقليّة والثقافيّة والمعرفيّة للإنسان.
لذلك أعطوا من وقتكم كما تعطون الكثير من وقتكم واهتمامكم وجهدكم وأموالكم وطاقاتكم لأمور دنيويّة وأمور ثانويّة، أعطوا اهتماماً بالقراءة بالمعرفة بالثقافة، كثيراً ما نقرأ في بعض المجتمعات المتقدّمة أنّ الإنسان حتّى عندما يصعد الى السيّارة بيده كتاب يقرأ، حينما ينزل من محطّة نقل الى محطّةٍ أخرى يجلس ينتظر عشر دقائق يُخرج من جيب حقيبته أو من جيبه كتاباً فيقرأ، حتّى هذه الدقائق القليلة يهتمّ بالقراءة والمعرفة والثقافة.
هناك بعض المؤثّرات السلبيّة الداخليّة والخارجيّة التي تؤثّر على آليّات تفكيرنا، غرور عُجُب انغلاق تعصّب أو الانفعال والغضب وغير ذلك من الأمور التي تؤثّر على آليّات التفكير الصحيحة، الأجواء التي تحيط بنا وغير ذلك من هذه الأمور التي نحتاج اليها للحفاظ على سلامة المنظومة الفكريّة.
الدين الصحيح هو الذي يمثّل المنظومة الفكريّة المتكاملة، المعرفة الصحيحة وآليّات التفكير الصحيح وأخلاقيّات الفكر الصحيحة والمهذّبة، فلابُدّ أن نأخذ مبادئ ديننا ونحافظ عليها ونأخذها من القنوات الصحيحة ونعرف أخلاقيّات الدين؛ لكي نوظّف هذه المعارف الدينيّة في صالح مجتمعنا.
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لما يحبّ ويرضى إنّه سميعٌ مجيب، والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.