الطيبة
24-04-2019
خاص صدى الروضتين
موضوع مهم من مواضيع الواقع المَعِيش، لابد أن نقف يوماً لنفكر في معانيه، فالطيبة كما هو معروف عنها من الصفات الحسنة والأخلاق التي تبصر معنى النقاء والمحبة والسلام والسعي الى الخير وارقى المعاني الإنسانية ورغم رقي هذه السمات والصفات، إلا أنّ بعض الناس يصفون الطيّب بضعيف الشخصية، ولهذا سنلتقي ببعض الشباب لمعرفة آرائهم:
هبة محمد السعدي/ بكلوريوس تربية رياضية:
المعروف عندنا أن الانسان الذي يحصن نفسه من التطاول والتجاوز بامتلاكه قدرة المواجهة المباشرة على انصاف نفسه، وان يضع الآخرين ضمن جغرافية هو يرسم حدودها ليقال انه صاحب شخصية، بينما الحكمة تقود البعض الى منزلة الرقي فيترك الأمور تجري على طبيعتها ويتسلح هو بالصبر والعفو والترفع عن الأذى، ولا يفكر بروح الانتقام؛ لقناعته بوجود الله القادر على الانتقام، وهذا ليس ضعفا كما يسميه البعض، فهو ينظر بأنها ميزة من مميزات الخير، يتميز بها الانسان صاحب الخلق الرقيع، يقدم طيبته دون ان ينتظر كيف يزنها ويعتبرها من مميزات القوة؛ كونها تمتاز بالسماحة والشفافية ومحبة الناس، وأنا أرى الطيبة مفتاح النجاح والتوفيق، وهي الراحة والهدوء والاطمئنان، وتكون بلسماً للصدور الطيبة وتلقائية نابعة من القلب.
صالح حميد الحسناوي/ معاون طبيب:
كل شيء في الحياة، يجب أن يكون موزوناً ومُعتدلاً، حتى المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، قد يحدث أن ترتبك الرؤية عن حقيقة مجرى الأمور، لحسن الظن بالآخرين، واعتقاده أنّ جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والمحبّة، ما يدفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثيرٍ من الأحيان، لذا يجب على الإنسان ألا يكون مُتهاوناً مع الظالم، حتى يرتدع، وفي ذات الحين يصفح عنه، إذا ما تأكّد من عدوله عن الشر والظلم، مع الاحتراس من الأشخاص الذين يُعرفون بالمكر، وتلوّن الوجوه، انا مثلا ورثت طيبة القلب من والدي ووالدتي وعايشت هذه الطيبة التي كادت تصل حد السذاجة التي نسميها نوايا طيبة، وأحزن حين يتعرضان الى متاعب معينة، لكن قناعتهما كانت تسعدني؛ كونهما كانا يتصرفان بطيبة القلب قربة لرضا الله سبحانه تعالى وهذا هو الذي يفرحني.
دريد سلمان داود/ بكلوريوس علوم حاسبات:
من المعروف ان الطيبة في حدودها تعني تهذيب النفس وتحصينها عن المعاصي وتزيد صلة الانسان بالله سبحانه وتعالى لتشعر بالأمن والأمان فهو غير معني بالمقابل للرد على الآخرين، وانما طيبته تعمل لنشر المحبة وتعزيز التماسك والتعاضد الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وتنقية المجتمع من ظنون السوء، ودفع الإنسان نحو الحق، والإنجاز في الحياة، عوضاً عن الانشغال بسفاسف الأمور وتوافهها، والجميل في الأمر أن طيبة القلب لا تختص بموضوع او موقع ولا يبالي باعتبارات ضيقة الرؤى فصاحب القلب الطيب طيب مع الجميع.
تقى محمود حسن/ بكلوريوس صيدلة:
انا اعتقد ان اقتران الطيبة بالضعف هي من الشائعات التي كونتها السياسة في اذهان الناس تريد ان تبعد المجتمع عن الخير، فتشيع ان الطيبة غباء او تعاسة ولابد ان نربط طيبة القلب مع ما ورثناه من فكر أئمة اهل البيت D، والمضي على نهجهم النير.
التاريخ يقول: إن الامام الحسين بكى على القتلة؛ كونهم سيذهبون الى النار -كما يقول A- بسببي..! انا اسأل أحيانا عن سبب ربط طيبة القلب بالضعف الإنساني، بالعكس الطيبة تعني القوة والجبروت والحكمة الواعية التي تعرف حد الموازنة وإلا فطيبة القلب موجودة عند كل انسان، ولا يخلو منها أي أحد أبداً ولله الحمد رب العالمين.
النتيجة:
نطلع بنتيجة ان الشباب متفهم لمعنى الطيبة ويعرف حدود تعاملها والنتيجة الرائعة التي افرحتني ان هؤلاء الشباب قد ربطوا الطيبة بقربة الله تعالى وهذه الحصيلة المؤمنة هي السند الداعم للمعنى الثقافي الفكري لبقاء الطيبة وتناميها في مجتمع باركه الله بطيبة القلب والحمد لله رب العالمين.
(بين الثقافة والوعي)
هل ثمة اشكالية ما بين الثقافة والوعي، المعرفة هي ما يكتسبه الانسان بالتعلم وبالتجربة وبالتعايش مع الآخرين، وكل سبيل له مخزونه المعرفي، يرى البعض أن الثقافة وجدان الوعي، وترتبط بالمرحلة العمرية وبالوعي الإنساني (التعايش) لنصل الى مرحلة النضج، لنعكسه كواقع حياتي، ولهذا استطلعنا الرأي:
الأستاذ عبد الباري خليل حسين/ خبير رياضي:
المعرفة كثقافة مع الواقع الحياتي يكسب الانسان وجود المعرفة والوعي والنضج كما نراه، لكننا لا نستطيع ان نعكس هذا الواقع رغم وجود الثقافة والتجارب والنضج الفكري؛ لكون هناك اختلافات في نسب المعرفة والوعي، ونحن مشكلتنا اننا ندّعي الوعي ونتبجح بالمعرفة، ونحن نمتلك اليوم أمّيين بشهادات عليا، السبب يعود الى نقص الوعي وليس نقص المعرفة، سهل ان نحصل اليوم على المعرفة، لكن الصعوبة تكمن في الحصول على الوعي.
صبا عبد الأمير حميد/ مهندسة:
الثقافة والوعي أشياء لا تقف عند حد، القضية لا تحتاج الى رأي قاطع وانما الى الاقتناع الفكري، من الممكن ان يعيش الانسان تجربة كبيرة، لكنه غير مقتنع بها، والعلم افتراضي، الحقيقي منه ما يتحول الى واقع وعي معاش، وانا أرى ان الوعي يؤدي الى استيعاب الآخر، بلا معرفة لا نستطيع ان نصل للوعي الكافي، بلا وعي لا يمكن الاستفادة من المعرفة، الوعي يتسع للتجربة، هل نستطيع ان نعبر عن ثقافتنا بالكتابة، البعض منا كلما تكبر ثقافته يزداد صمتا، بل يلوذ بصمته، لا يرضى بما يكتب رغم ان الجميع يصفق اعجابا، شعوره بالإحباط نتيجة وعي هو يريد مزيدا من الارتقاء بالواقع، نحن مجتمع يحتاج الى وعي، وما نفع الثقافة دون وعي.
هناء حسن الحسيني/ أستاذة جامعية:
الثقافة هي المعلومات، والقيم الحاكمة لسلوك الانسان، يقول أحد الفلاسفة العرب: كلما ازداد الوعي ازدادت الثقافة، وقيل: المثقف هو من يعرف عن كل شيء شيئا، بينما الوعي هو ان نفهم ونحلل ونفسر المعلومات، شيء اعمق من الثقافة، الوعي فلسفة الثقافة، والثقافة تعني معرفة التفاصيل، الوعي فهم هذه التفاصيل.
د. محمد كاظم الحسيني/ مدرس جامعي:
تناقضات كبيرة بين الوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي، الفن واللغة عاملان مهمان في تعميق الوعي، واستيعاب المعرفة هو عنصر مهم من عناصر الوعي، الشرط الضروري للابداع، هو اهتمام الشخصية العميق لعصرها والقدرة على معرفة مشكلاتها، هناك ثقافة روحية تضم كل اشكال الوعي الاجتماعي، الفلسفة، العلم، والأخلاق.. لكننا نصل الى قناعة ان تدني روح المسؤولية والشعور بالاغتراب هو نتيجة ضعف الوعي الإنساني والوطني.
ان الثقافة لا تنحصر في النخبة انما يجب وضعها في متناول وخدمة الجميع، الآن هناك عمل كبير لإعاقة تطور الوعي عند الناس، لذلك أصبحت الثقافة مستنزفة اجتماعيا، لم تعد تملك الصدى النفسي والروحي.
النتيجة:
نجد ان نتيجة هذا الاستطلاع تلخص لنا معنى الثقافة الحقيقية، وعي سلوكي يؤدي الى ادراك معنى الالتزام الأخلاقي بالدين، وقيم الحق والعدل، الثقافة هي الأثر الاجتماعي، فعل وروح وليس الثقافة أن نملأ رفوف المكتبات بالمعلومات.