أملاً بظهور الامام الحجة المنتظر عج وانتظاراً لميعاده انطلاق فعاليات مهرجان الأمان الثقافي السنوي العاشر في محافظة الديوانية
15-05-2019
احمد صالح مهدي
أملاً بظهور الامام الحجة المنتظر عج وانتظاراً لميعاده
انطلاق فعاليات مهرجان الأمان الثقافي
السنوي العاشر في محافظة الديوانية
تعتبر قضية الامام الحجة المنتظر عج ومعجزة غيبته من المسائل الالهية الخالصة، اذ لا يعرف مكنونها إلا الباري (عز وجل)، واليوم العالم يقف متحيّراً ازاء هذه القضية العظيمة، أما اتباع أهل البيت ع فموقفهم منها هو المتأمل الراغب الى الطلعة البهية لإمام عصرهم عج وناصرهم على جيوش الكفر والطغيان والذي بظهوره تُملأ الارض قسطا وعدلا بعدما سادها الظلم والجور، لتكون بعد ذلك مرحلة من العيش الرغيد والحياة الهانئة تحت قيادة الامام الثاني عشر من ولد علي وفاطمة D. ففي هذا الاطار يقيم انصار اهل البيت D في ذكرى مولد الامام محمد بن الحسن المنتظرf المتمثلة بالأفراح الشعبانية المباركة عدة مهرجانات وفعاليات تعنى بالجانب الفكري والثقافي لقضية الامام الحجةf من ضمنها المهرجان السنوي الذي تقيمه مؤسسة الامام الصادق A والمسمى بـ(مهرجان الامان الثقافي السنوي العاشر) الذي تحتضنه مدينة الديوانية العزيزة.
تحت شعار(القائم من الميعاد والله لا يخلف الميعاد) اقيم حفل افتتاح المهرجان الذي احتضنته قاعة النشاط الرياضي التابعة لمديرية شباب ورياضة محافظة الديوانية وقد شهد الحفل حضور عدد من الشخصيات الدينية والأكاديمية والثقافية والسياسية، فضلاً عن وفود العتبات المقدسة يتقدمهم المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي (دام عزه)، والأمين العام جناب السيد محمد الاشيقر (دام تأييده)، وأعضاء مجلس ادارة العتبة المقدسة، وجمهور غفير من أهالي الديوانية.
ابتدأ الحفل بآياتٍ من الذكر الحكيم، من ثمّ كلمة ترحيبية للهيأة الراعية للمهرجان مؤسسة الإمام الصادقA الثقافية، والتي ألقاها الشيخ (عقيل علي الزبيدي)، بيّن فيها:
نرحّب بكلّ من قدم الينا من داخل العراق وخارجه، حاضرين في رحاب مهرجان الأمان الثقافيّ السنويّ العاشر الذي تقيمه هيأة الإمام الصادقA بالتعاون مع العتبات المقدّسة، وبتضافر جهود أبناء المدينة يُقام هذا المهرجان بذكرى ولادة منقذ البشريّة.
ونحن إذ نقدّم هذا القربان لساحته المقدّسة، نسأل الله تعالى أن يتّصل يومنا منه بعدة فنحظى ونرد منهاله الرويّ فنروى، وننتقع من عذب مائه، فقد طال الصدى، ونغاديه ونراوحه فنقرّ عيناً، ونسأله تعالى أن يعيد هذا اليوم وجميع بلاد المسلمين وبلدنا العراق ترفل بالعزّة والكرامة والسلامة.
جاءت بعدها كلمة العتبة العباسية المقدسة والتي ألقاها سماحة السيد احمد الصافي (دام عزه) المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة، والتي بيّن فيها قائلاً:
شكر اللهُ جميع المساعي الخيّرة التي تستفيدُ من مناسبتنا العزيزة، مذكّرين إيّانا بها وموفّرين أيضاً هذا التجمّع الذي يسعى دائماً لنيل علمٍ أو ثقافةٍ تمتدّ الى أصولها الحقيقيّة الى مدرسة أهل البيتD.
مضيفاً: كتب الله تعالى لهذا المهرجان أن يمضي عليه عقدٌ من الزمان، سائلين الله أن يمتدّ الى أن تكتحل أعينُ الجميع بتلك الطلعة البهيّة لصاحب المناسبة وليّ الله الأعظم الإمام المهديّ f.
وتابع السيّد الصافي قائلاً: لا شكّ أنّ الحديث عن الإمام المهديّf حديثٌ يبدأ ولا ينتهي، فإنّه f محلٌّ لجميع ما جاء به الأنبياء والمرسلون، حتّى أنّ هناك أمنياتٍ من الأئمّةD أن يُدركوا زمانه، وأنا أحبّ أن أنوّه الى قضيّةٍ ترتبط بالإمام المهديّf من جهةٍ وترتبط بشيعته ومحبّيه من جهةٍ أخرى.
ولعلّ مفتتح الآية الكريمة في سورة القصص عندما بيّن قوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) لا شكّ أنّ مفردة الاستضعاف تختلف عن مفردة الضعيف، الاستضعاف لا يعني أنّ هذه الجهة ضعيفة وإنّما الاستضعاف ينشأ من اعتقاد طرفٍ آخر بأنّ هذا الطرف الذي سوف يستضعفه لا يقوى على أن يفعل شيئاً، ولا يستطيع أن يفعل شيئاً وإنْ كان لو خُلّي لاستطاع أن يفعل.
موضّحاً: لاحظوا أنّ نبيّ الله هارونA عندما مرّ بفتنةٍ بعد أن ذهب نبيّ الله موسىA لمناجاة ربّه، الذين تخلّفوا معه لم يكونوا بمثابة أناسٍ مؤمنين ويفهمون رسالة موسىA، وإنّما لكي ينقذهم من سلطةٍ جائرة، فمجرّد أن تنفّسوا الصعداء هجموا على هارون، وعندما جاء موسى إليه: (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي)، مع أنّه A نبيّ وهو لم يكن ضعيفاً.
وأضاف: الله تعالى لا يُمكن أن يُرسل نبيّاً ضعيفاً لكنْ يُستضعَف نعم، لماذا يُستضعَف؟ لأنّ هؤلاء يعتقدون أنّ بعض الأمور لا يُقدم عليها النبيّ فيستغلّوها ليفعلوا ما يشاؤون، فالقرآن الكريم عندما يقول: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) لم يقل الذين هم ضعفاء، الضعيف طبعاً ليس الضعيف من الناحية الجسديّة، هذا ليس له قيمة، وإنّما الضعيف في حالة الإيمان، فـ(المؤمن القويّ خيرٌ من المؤمن الضعيف) ليس المقصود المؤمن القويّ صاحب العضلات خيرٌ من المؤمن الضعيف الذي لا يملك العضلات إنّما القويّ بإيمانه.
وكما تعرفون أنّ الإيمان مسألة تفاوتيّة -كما نقول في المنطق- أو مسألة تشكيكيّة، نقول: هذا مؤمنٌ وهذا أكثر إيماناً، فالقرآن الكريم لم يقل: نريد أن نمنّ على الضعفاء وإنّما قال: نريد أن نمنّ على الذين استُضعِفوا، وهذا لا يعني أنّهم ضعفاء بالعكس، هذا يعني أنّ هؤلاء على بصيرةٍ من أمرهم ولهم القدرة لكنّهم لسببٍ أو لآخر لا يفعلون الأشياء التي يُفترض أن يفعلوها، طبعاً لا يفعلون ليس طلباً للعافية.
مبيّناً: إنّ أمير المؤمنينA لم يجلس تلك الجلسة الطويلة طلباً للعافية، وإنّما كان مكلّفاً من قِبل النبيّJ أن يفعل الذي فعل، لكن هل استُضعِف؟ نعم.. استُضعِف!! لكن هل كان أمير المؤمنينA ضعيفاً؟! كلّا ليس ضعيفاً، الاستضعاف لا يعني أنّ الطرف الآخر ضعيف.
مبيّناً كذلك: لاحظوا مسألة ذي القرنين، القرآن الكريم عندما يعرّج عليه يعرّف مَنْ هو، ثمّ يقول: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) والتمكين نحوٌ من السلطة، الله تعالى عندما يُمكّن أحداً يعني يستطيع أن يفعل الأشياء التي يريدها، والله تعالى يهيّئ له فريقاً وجيشاً وأتباعاً، فكان ذو القرنين من الأشخاص الذين مكّن الله لهم في الأرض، وفعلاً القرآن يستعرض بعض ما عنده من قوّة وأنّ الله تعالى آتاه من كلّ شيءٍ سبباً: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) وأنتم تعلمون أنّ الوراثة ليس معناه الوراثة النسبيّة فقط، فماذا يقول القرآن؟ (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) وهذه الآية الكريمة فيها إشارة الى نقطةٍ مهمّة هي أنّه ليس كلّ إمامٍ ممكّن في الأرض، وإلّا الأئمّةD أئمّة ولكن لم يكونوا متمكّنين في الأرض، والمراد من التمكين هي هذه القوّة الظاهريّة التي ينقاد إليها الآخرون، وهذه لم تحدث في مسيرة الأئمّةD إلّا في موارد قليلة.
مبيّناً: الآية الشريفة الآنفة الذكر أشبه بالوعد، فإذا أراد الله شيئاً هيّأ أسبابه، والآية تعبّر عن الذين استُضعِفوا ولا شكّ ولا ريب بأنّ الإمام المهديّf استُضعِف مع أنّه ليس ضعيفاً، وعندما يأذن الله تعالى، فإنّ عمليّة الاستضعاف عند الآخرين ستنتهي، وسيكون إماماً كما هو هذا الجعل، لعلّه الحكم الظاهريّ يتمكّن منه والروايات الشريفة تشرح أنّ الله تعالى يأذن بالظهور بعد أن تُملأ الأرض ظلماً وجوراً ويأتي الإمام ليملأها عدلاً وقسطاً، كيف يملأها بالعدل إذا لم يكن له من الأمر شيءٌ؟! وهذا الملء عبارة عن عمليّة بمقدرة، وهذه الآية الشريفة تبيّن جعل الأئمّة وجعل الورثة والتمكين لهم في الأرض، كما مكّن الله تعالى لذي القرنين.
وأوضح: علاقتنا بالإمام المهديّA تختلف من شخصٍ الى آخر، ونحن في الواقع ندعو الإخوة الأعزّة أن يبقوا دائماً في أجواء ما أرشدتهم إليه تعاليمُ أهل البيتD، فنحن نعلم أنّه في زمن الإمام المهديّ سيظهر الكثيرُ من مدّعي الرؤية، هذا في رؤيا وهذا في لقاء.
هذا الكلام نعرفه لأنّ الروايات قد ذكرته، بعض الإخوة قالوا: لماذا أهلُ الدين لم يتّخذوا -مثلاً- موقفاً أو يبيّنوا؟ الروايات بيّنت ونحن نعلم أنّ قضيّة الإمام المهديّ عرضةً الى أن ينزوَ على هذا الموقع بعضُ من لا حريجة له بالدين، الذي لا يسمع الكلام هو رتّب أموره على منافع دنيويّة، وهو يحبّ الدنيا من طريق الآخرة، وقد ذكرنا ذلك في موردٍ سابق وهذا المقطع أرجو أيضاً أن يلتفت إليه الإخوة.
وتابع: يُذكر في كتاب نهج البلاغة في قصار الكلمات لأمير المؤمنين، أنّه رأى عمّاراً يتناظر مع المغيرة بن شعبة، والمغيرة شخصيّةٌ مملوءةٌ نفاقاً وعمّار شخصيّةٌ مملوءةٌ إيماناً، بحيث أنّ النبيّJ تنبّأ وقال: (يا عمّار، تقتلك الفئةُ الباغية)، الإمام علي أميرُ المؤمنينA عندما رآه بيّن وقال له: (دعْه يا عمّار، فإنّه لم يأخذ من الدين إلّا ما قاربته الدنيا، وعن عمدٍ لبّس على نفسه كي يكون عاذراً في سقطاته)، حقيقةً وصفُ أمير المؤمنين على المغيرة ينطبق تماماً على من لا حريجة له في ذلك، هو يريد الدنيا لا الدين لكن إذا أُسحر برغبته بالدنيا لا يسمعه أحد، والإمام المهديّ غائب فإذا أحال يُحيل الى مجهول، لا تستطيع أن تلتقي بالإمام حتّى يبينَ زيف المدّعي، فيُحيلك الى مجهول.
وأكّد الصافي: أنّه كلّما زاد الوعي في قضيّة الإمام المهديّ قلّ الدجّالون، لو لم يجد هؤلاء الدجّالون آذاناً صاغية لما تمكّنوا أن يفعلوا ذلك، لكن عندما يقلّ الوعي نلجأ الى الأحلام والأطياف والتشبّث بدعاوى فارغة، وقطعاً يجد هؤلاء سوقاً رائجةً.
وأضاف: وضيفتنا أن لا نكون عبئاً على الإمام A، فجزءٌ من نصرته أن الناس تسأل العلماء ماذا نفعل في زمن الغيبة؟ كيف نهيّئ أنفسنا لزمن الظهور؟ والأئمّةD لم يتركونا بدون راعٍ، بل تركوا لنا العلماء الأعلام هؤلاء حملة الشريعة وورثة الأنبياء، وتركوا لنا هذا التراث الهائل المبثوث في الحوزات العلميّة التي هي بيد المراجع أيضاً، هناك من يدّعي على الإمام أيضاً ويدّعي له موقعاً زائفاً، لكن أهل البصيرة عليهم أن يلتفتوا، كما أنّ الناس ادّعت على النبيّ وكذّبت وكما ادّعت سجاح أنّها نبيّة وادّعى مسيلمة أنّه نبيّ وادّعى غيرُ الأئمّة أنّهم أئمّة، حتّى أنّ البعض جلس مجلس الإمام وصار يفتي للناس، ألم تسمعوا بعبد الله الأبطح الذي جلس مجلس الإمام الكاظمA حتّى تحيّرت به الناس مَنْ هذا؟! وعندما سألوه بعض الأسئلة الشرعيّة، بدأ يُجيب بأجوبةٍ بعيدة عن أسئلتهم.
مضيفاً: ليس بدعةً من المسائل ما نسمع ونرى، كلّما ازداد الإنسانُ وعياً قلّ فيه جهلُه، هؤلاء عمليّة أشبه بعمليّة الطبّ، كثيرٌ من مسائل الطبّ قبل خمسين سنة الناس كانت تعتقد بها، قضايا علميّة كانت تعتقد بها، لكن بعد أن ازداد وعيُ الناس قلّت هذه المسائل، فنحن نعاني من قلّة وعي دينيّ.
وأوضح: إنّ الروايات الشريفة قد بيّنت أنّه: (لو لم يبقَ من الدنيا إلّا يومٌ واحد لطوّل الله ذلك اليوم....) وأعتقد أنّ الرواية عند الفريقين: (لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله رجلاً منّي -أو من أهل بيتي- يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً) (بحار الأنوار - العلّامة المجلسيّ: ج٥١/ الصفحة١٠٢)، هذه العقيدة المهمّة التي تُكمل عقيدتنا إذا لم نعتقد بالإمام المهديّ فعقيدتُنا ناقصة، وإذا أدخلنا عليها شيئاً آخر أيضاً العقيدة ناقصة، الزيادة غير المبرّرة وغير الشرعيّة كالنقصان، هل يُمكن للإنسان أن يتقرّب الى الله بخمس ركعات؟! يقول: خمس ركعات أفضل من أربع!! طبعاً لا يُمكن ولا يُمكن أن تكون ثلاث، الله تعالى عبادتُه تكون من حيث يُريد لا من حيث نُريد، وقد بيّن الأئمّةD ذلك أمّا أن نسمع بين فترةٍ وأخرى ادّعاءاتٍ وطعناً في هذه العقيدة فهذا أمرٌ طبيعيّ، لكن علينا أن نحذر فأهل الدنيا لا يتركون الدنيا بل يحبّون الدنيا ويأتونها من كلّ حدبٍ وصوب، هناك تاجرٌ يبحث عن المال وهناك شخصٌ آخر يصطاد البسطاء من الناس حتّى يمرّر عقيدةً زائفة، فكلّما ازداد الوعي قلّ الدجّالون.
وبين السيّد الصافي في كلمته قائلاً: في هذه المناسبة علينا أن نستذكر تلك الأرواح التي حلّقت الى جنان ربّها راضيةً ومطمئنّةً بما بذلت، طبعاً هم المجاهدون الذين أعطوا أنفسهم الزكيّة حفاظاً على هذا البلد، نحن لا نستطيع أن نفي حقّهم كما قالت المرجعيّة الدينيّة العُليا ذلك أيضاً، وبذلك لا نستطيع أن نفي حقّهم وهم فعلاً فخرُنا الذي نفخر به، بحيث قالت: إنّه لا فخر لنا إلّا هؤلاء، وأنقل لكم ما سمعتُ من سماحة آية الله العظمى السيّد علي الحسيني السيستانيّ(أدام الله بقاءه) بشكلٍ مباشر من لسانه الشريف وما سمعتُه من شخصٍ آخر عن طريق الشيخ الوحيد الخراسانيّ قبل سنتين أيضاً في مهرجان ربيع الشهادة، أنا أذكر ذلك من باب التثبيت للحقّ والجهد الذي بذله هؤلاء، كان يقول: إنّه كلّما تذكّرتُ أو قرأت عن أصحاب الإمام الحسينA ليلة العاشر يأتي في بالي هؤلاء الأبطال، كان يشبّه هؤلاء الأبطال ويتذكّرهم، كان أصحاب الإمام الحسينA يستأنسون بالمنيّة كما يستأنس الطفل بمحالب أمّه، وبعض الإخوة لعلّه من الموجودين الآن عندما كانوا في جبهات القتال وكانوا يرون بأمّ أعينهم، بين الشابّ في مقتبل العمر الذي يتمنّى الهجوم الآن قبل غدٍ، وبين شيبةٍ سبعينيّة -أنا رأيتُها- كان يصرّ على أن أدعو له بالشهادة، بحيث قلنا له: أطال الله في عمرك. قلنا له: الله يرزقك الشهادة بعد حين، قال: لا.. الآن أريد أن أسمع: اللهم ارزقْه الشهادة، وله خمسة من الأولاد في جبهات القتال، لا شكّ أنّ هؤلاء كان عندهم الوعي والاستجابة والاندفاع والطاعة لفتوى المرجعيّة، فالذي يندفع أمام فتوىً يستطيع أن يندفع مع الإمام.
أمّا القصّة الثانية نقلها الشيخ الطبرسي(دامت بركاته) عن الشيخ الوحيد الخراساني، يقول: أنا كنت جالساً في محضر الشيخ وجاء شخصٌ من العراق وكان من الإخوة المجاهدين وعليه آثارُ التعب، وتكلّم مع الشيخ ثمّ خرج، فالشيخ التفت إليّ وقال: لو كان هؤلاء في زمن الإمام الحسينA لكانوا في الصفّ الأوّل، يقول: أنا في الواقع أرجعتُ عليه السؤال، قلت: أنا سمعتُ منك ذلك صحيح؟ قال: نعم.. لو كان هؤلاء في زمن الإمام الحسينA لكانوا في الصفّ الأوّل وأنا أشهد على ذلك، أضاف هذه (أنا أشهد على ذلك)، طبعاً نحن لا نُغالي بشجاعة إخواننا لكن نقول هذا الناتج كان عن وعي وعن إدراك.
مبيّناً: إنّ المجالس الحسينيّة لها دورٌ وارتباطٌ بالأئمّةD، ولها دورٌ كذلك وارتباطٌ بالزيارة، ولها دورُ مراقبةٍ ومتابعة، وكلماتُ العلماء أيضاً لها دور فإنّهم أخذوها من عينٍ صافية وواعية بعيداً عن القيل والقال، وإنّما هذا طريقٌ واضح وفعلاً هم صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
واختتم: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُديم علينا بركات الإمام المهديf، فإنّنا ننتفع به كما ننتفع بالشمس إذا مرّت عليها السحاب، ونسأل الله أن يرعانا بعينه وأن يدفع عنّا كلّ سوء وأن نكون صادقين معه بقدر الإمكان، ونسأله تبارك وتعالى أن يُعيننا على أنفسنا كما أعان الصالحين على أنفسهم، وأن يحفظ الإخوة القائمين على هذا المهرجان السنويّ الذي مرّ عليه عقدٌ من الزمان، سائلين الله له الاستمرار ودوام التوفيق والتسديد.
كلمة الوفود المشارك ألقاها الأستاذ الأستاذ مهدي عشقي من تركيا بيّن فائلاً:
إنّه لمن دواعي السرور والاعتزاز أن نكون حاضرين اليوم في هذه المناسبة الكريمة وهذه البلدة المباركة، بين جمعٍ من العلماء والأدباء والوجوه المحترمة من أهل هذه المدينة مدينة الإمام المهديّf إن شاء الله.
مؤكدا: إنّ إقامة مثل هذه الفعّاليات الثقافيّة وبهذه الاستمراريّة تدلّ على الشعور العالي بالمسؤوليّة عند علماء هذه المدينة وجهودهم الكبيرة في خدمة الدين الحنيف، وتدلّ أيضاً على الجهود الكبيرة التي تُبذل من قبل العتبات المقدّسة على امتداد خارطة العراق، لدعم أيّ جهدٍ يُقدّم خدمةً للإنسانيّة وتدلّ من جهةٍ أخرى على عمق ارتباط المجتمع بالإمام المهديّf الذي أدّى الى توجيه ضربات متعدّدة من قبل الأعداء لفكّ هذا الارتباط.
مبيّناً: إنّ تجمّع الناس حول هذا المهرجان على اختلاف طبقاتهم هو من أوضح مصاديق إحياء أمر آل محمد D، الذين فيهم تمامُ العزّة والبركة والتوفيق لهذا المجتمع الطيّب.
واختتم: نسأل الله تعالى أن يرينا هذا الاجتماع المبارك تحت بيارق الدولة الكريمة التي سيقودها هذا البلد خلف بقيّة اللهf إنّهم يرونه بعيداً ونراه قريبا.
جاءت بعد ذلك مشاركات ولائية بقصيدة من الشعر الفصيح للشاعر مهدي النهيري من النجف الاشرف، بالإضافة الى موشحات دينية ألقيت ضمن حفل الافتتاح.
يذكر أن المهرجان تنضوي تحته عدة فعاليات منها اقامة معرض الكتاب الخاص بالعتبات المقدسة وأيضاً معرض رسائل الاطفال الى الامام الحجة المنتظر f فيما كان الشق الثاني من المهرجان هو الجانب البحثي والذي يستمر لمدة اربعة ايام شارك فيه مجموعة من الباحثين من داخل العراق وخارجه.
وتأتي الجلسات البحثية بالتتابع ببحث لسماحة السيد محمد صادق الخرسان (دامت بركاته) من العراق وبحثه بعنوان (القائم من الميعاد.. رؤية تنموية)، اما سماحة السيد منير الخباز من السعودية شارك ببحث تحت عنوان: (تطوير الذات تحت ظلال الانتظار) فيما كانت هناك مشاركة بحثية للدكتورة حليمة عبد الجبار الطباطبائي (المرأة المهدوية وتحديات العولمة) من العراق.
اما سماحة الشيخ محمد كنعان (دامت بركاته) من لبنان كان مشاركته ببحث وسم بـ(الامام الحجة f والمحاضير)، وكان ختام المهرجان توزيع الدروع والشهادات على المشاركين والمساهمين بنجاح المهرجان.