محاورة مع كتاب.. (اتجاه الدين في مناحي الحياة) لسماحة السيد محمد باقر السيستاني (دام عزه) القسم 14
21-06-2019
علي الخباز
- هل هناك حظر في استحداث طرق جديدة للعباد؟
الكتاب:ـ الأدوات التي تم تشريعها في استيفاء الحاجات الروحية للإنسان، الدين اسلمها وانسبها الى فطرة الانسان، فليس من الحكمة فتح باب التشريع للطريقة الجديدة، حسبما يشاء المرء على انه يؤدي الى تفرق الناس في الدين كل فريق يريدون أن يجعلوا لأنفسهم بصمة خاصة في طريق العبادة والنشاط الروحي.
تتعدد الأديان والمذاهب، وتفسد بالتعدادات الكاذبة، وبعض الطرق الصوفية امتلكت رياضات مبتدعة في هيجان المشاعر وسيلة وليست غاية في ذاتها، واعتقاده في البلوغ الى مبالغ عالية اغترارا بتلك المشاعر الهائجة، وذلك لخلل كثير ومهلك وكثرة الاختلاف بين فرق التصوف مما يخطّئ بعضهم البعض الآخر.
والتصوف صفات وسلوكيات مشروعية، كل نشاط يؤدي الى هذه المشاعر، وهناك مثالان: الأول ان تكون صادقة وناشئة عن مبادئ عميقة، والمثال الثاني تكون زائفة وملهية، لغايات موهومة ومختلفة، والرقي الحقيقي يبدأ من النشاطات الروحية التي تزكي النفس الانسانية حيث تتعامل مع الله سبحانه وتعالى في قيم حياتية وإنسانية، فقد بعث الى الإنسانية برسالة يوضح فيها طريقة الوجود والاتجاه الإنساني، تلتفت الى النشأة الأخرى للإنسان التي يتجه اليها ويلتقي بالله سبحانه تعالى، لا يصح لأحد الاستغناء عن الفرائض والآداب الدينية واسقاطها، سنن حدود الترقي هي بعينها سنن بقائها ودوامها، ولن يؤمر المرء من البقاء الا بمقدار يضمنه بالبقاء على موجباته.
- وهل هناك تحذير للدين عن تزكية النفس؟
الكتاب:ـ تحذير الدين عن تزكية النفس والأمن من التنازل الروحي، قد تضمن الدين توصية الانسان ان يتجنب المرء مهما بلغت تزكية نفسه لأنه لا يؤمن تسريبات الاهواء والرغبات الى قلبه وسلوكه، ان يحذر المرء من التنازل الروحي والمعنوي للمرء في هذه اغتر بنفسه وسقط في الاختبارات المقبلة للحياة.
- وما هي ادوات النشاط الروحي؟
الكتاب:ـ هناك ادوات فطرية لا شبهة فيها من قبيل الأقوال التي تبتدئ بالحمد والثناء والشكر على الله سبحانه تعالى أو تمثل الانسان حاجته من الله وامله في الله سبحانه تعالى، ولا يصح تقنين عدد منها كورد خاص لأشخاص معينين ولحالة معينة بغير نص شرعي.
وادوات اخرى مناسبة مع الفطرة الانسانية، ولكن يحتاج البت بمقبوليتها في توجيه رباني، رسالته الى العباد مثل: الصلاة والصيام والاعتكاف والحج وقراءة الكتاب (القرآن الكريم) والنشاطات الروحية من اهل الشرائع لهم غايات متعددة، وهي من المهمات الخاطئة: كممارسة الخوارق على اساس ان هذه الخوارق تقوي امور الدين، وعندنا من ينتسب الى الطرق الصوفية ليمارس ممارسات غريبة وخارقة امام الناس استدلالاً على صحة عقيدتهم وطرقهم من قبيل ادخالهم السكين بأجسادهم من غير ان يصابوا بأذى.
وهناك من جعل الغاية ان يلتقي في المنام او اليقظة بالأرواح في العالم الاعلى من الانبياء والاوصياء والصالحين ويتلقى منهم تعاليم وافكار وتوجيهات في شؤون العقائد الصائبة وغيرها.
التوصل الى تنظيرات مهمة في شأن الله سبحانه تعالى والكون ومن حل مسائل معقدة فلسفية وفكرية في ضوء ذلك، ادعاء اشخاص انهم يعالجون المرضى معالجة روحانية بقدراتهم الخاصة كبديل عن العلاج المادي والنفسي المتعارف عند الناس، ان يرتقي الانسان كما يدعي فريق من اهل الرياضيات من خلال الرياضة والعروج الروحي من المستوى الانساني الى مستوى اعلى كالفناء في الله سبحانه تعالى بالحلول او الاتحاد كما ادعى ذلك للأنبياء والأوصياء وهي خاطئة بل وخطيرة جميعا من المنظور العقلاني والشرعي.
- هل هناك غايات صائبة من المنظور العقلاني والديني؟
الكتاب:ـ ان الغايات الصائبة لأعمال الانسان عامة هي غايات عقلانية وفاضلة ومنسجمة مع الفطرة الانسانية، وترجع اصولها الى (الغاية الأخلاقية) وهي الاتصاف بالأخلاق الفاضلة بشكل عام ومع الله سبحانه تعالى بشكل خاص والنشاطات الروحية تنحى منحى الارتقاء بالإنسان في سلم الفضائل الاخلاقية من العدالة والشكر والانصاف والصدق والوفاء والاحسان وتجنب الخصال الذميمة من قبيل الايذاء والاضرار والكذب والخيانة واللامبالاة بالآخرين.
و(السعادة) هي الحصول على الراحة والسلامة من الاذى سواء كانت في هذه الدنيا أم في النشأة الاخرى، انسان بفطرته ينشد الكمال وهو في حد ذاته غاية انسانية، فالإنسان العاقل والمتبصر والعالم والحكيم والفاضل أكمل وفق المنظور الانساني الفطري من الانسان الفاقد للعقلانية والعقل والحكمة والفضيلة.
ومن نواحي الكمال ارتقاء الانسان الى مستوى من العقلانية والتبصر وان من جملة الغايات الاخلاقية والآثار الحميدة للممارسات العبادية قرب الانسان من الله سبحانه تعالى وتوليه له في امور بمقدار صلاحه وسداده وتواضعه وسلامته واقباله عليه.
وقد يبلغ الانسان بالارتقاء الى درجة الاصطفاء الالهي فيرعاه الله سبحانه بعين رعايته ويختاره لأداء مهمة الهية، يبارك في ذات نفسه وللناس.
- أي هناك اقرار بوجود ما يترتب على العلو الروحي والصفاء المعنوي من اثار؟
الكتاب: طبعاً هناك ايحاءات ذهنية ونفسية واخلاقية موجبة للتبصر والتنبه والمنحى الامثل، المراد بالايحاءات الذهنية والخواطر الملهمة ومن الايحاءات النفسية حالات من الصبر والثبات والاستقامة، والأحاسيس الروحية من قبيل ترائي الموجودات غير المادية: كالملائكة أو الشيطان، الواقع الخارقة من وجوه البركات والعنايات الخاصة، المنامات الروحانية وهي منامات يرى المرء فيها امورا مستقبلية لم تتحقق بعد اثار مشابهة بعض الشيء نشاطات نفسية أو شيطانية، لكن ينبغي الانتباه من خلال الاستقراء والاطلاع والممارسة ان هذه الظواهر في اصلها كما تكون ربانية وقد تحدث في اثر اسباب نفسية او شيطانية.
اما الاسباب النفسية، فان النفس الإنسانية قادرة على جملة من النشاطات الغريبة وتشمل هذه النشطات (تخييل استقبال) معلومات من كائنات ما ورائية، ويتوقع المرء في الغالب ان يكون ذلك وحيا والهاما بينما هي افرازات، فالعقل الباطن يشتمل على قدرات وقابليات كثيرة كما يتمثل ذلك في نشاطاته في المنام حيث يغيب الوعي الانساني فتتحرر قوة الخيال لدى الانسان، ويصطنع قصصا ومشاهد هي اشبه بالأفلام.
المبدأ الأول: هو الاتجاهات والرغبات والميول والانفعالات الكامنة في العقل الباطني. المبدأ الثاني: أدوات التخيل من المفردات التي أنس بها والتشبيهات التي وقف عليها والظواهر وهذا كله في اصله امر بديهي.
(هلوسات سمعية وبصرية) تراود الانسان وتنشأ غالباً من جهة اهتمامات مرتكزة من مرحلة اللاوعي لتثبيت النفس، (قدرات غريبة) يكتسبها المرء بعضها ينشأ عن الاعتياد، فيتراءى ما ينتج عنها عملاً خارقاً وبعضها قد يكون عملا طبيعيا وهي على نوعين: القدرة على التأثير على ادراك الغير وتصوراته، والقدرة على فعل شيء بمجرد التفكير والتركيز، منامات غريبة خارجة عن المألوف في مرحلة اللاوعي.