مسح ضوئي... مشّاية الأربعين
14-09-2019
مقداد مسعود
يشتاقون مثوبة فيستعملون المشقة طوعاً وشغفا، يقصدون رأس الثورة: الحسين بن علي C ينطلقون من: الفاو.. ام قصر.. مزارع صفوان.. الزبير.. البصرة.. القرنة.. المدينة.. التنومة ..
لا يحملون من المتاع سوى ذلك العشق الذي لا يسعه القاموس.. يلهجون باسمه فيتفتح الكون بكل الندى..
تتنافس البيوت والمضايف في استقبالهم، وتوفير كل اسباب الراحة وألذ الأطعمة.. شبان مثلهم يخلعون للمشاية احذيتهم، وجواريبهم ويقبلون باطن القدم الزائرة.. ليس تذللاً بل محبة برأس الحسين الثائر الخالد وتلك القدم هي قدم صدق.. قدم مشّاء بعشق الفادي.. كم هي شاسعة المسافة من الفاو أو من أم قصر أو من مركز البصرة الى العتبات المقدسة، ما الذي صيّرها قصيرة ومبهجة واحتفائية بالنسبة للقدمين؟ هل لأقدام المشّاية أجنحة..؟
لقد انغلقت كل الأبواب في وجوه فقراء العراق، وخابت آمالهم بما يجري أمام أعينهم: اولادهم أناروا العراق بالدم من خلال الجيش والحشد الشعبي، ولا حصة للبيت العراقي من النفط العراقي.. لا حصة للبيت العراقي من الفرح العائلي.. لا حصة للبيت العراقي من الكهرباء الوطنية.. وما يزال برميل النفط الذي ستوزعه المجالس البلدية، بسعر يكسر الظهر..!! وهكذا حَملَ المواطن المخذول مظلمته في روحه وقصد النهج البليغ.. وها هو يقطع المسافة على قدميه ليحرر جسده ونفسه وذاكرته وأحلامه من عبوديات متراكبة بعضها على بعض: يستنشق هواءً مباركاً.. يريد مثوبة وخلاصاً من ملوثات الوضع الراهن العراقي.