في بريدنا كتاب / (أجوبة الشبهات المعاصرة) للكاتب: باسم اللهيبي

30-01-2020
لجنة البحوث والدراسات
تمخضت فوضى الثقافة بعرض شبهات فكرية ومنهجية، تحاول صناعة الشبهة التي تقاد بمفاهيم ومصطلحات مصنوعة حسب الرغبة والمزاج، معتمدة على ترويج وسائل الاعلام المقنن ومواقع التواصل الاجتماعي، لذلك أنجزت العتبة العباسية المقدسة - قسم الشؤون الفكرية والثقافية - شعبة الدراسات والنشرات - كتاب (أجوبة الشبهات المعاصرة) للكاتب: باسم اللهيبي.
جاء في مقدمته: مادام في الوجود جبهة للحق تقابلها جبهة للباطل، فإن حركة الشبهات تحاول التشويش على الحقيقة مستمرة، والبحث في مفهوم الرد المثقف الواعي لإشادة الحصن المنيع للدين وأهل مداد علماء أهل البيت الذين مهد لهم الأئمة D خصوصاً الإمامين العسكريين C ليقوموا بهذا الدور المقدس في الغيبة الكبرى.
تحرك البحث في أربعة فصول: كان الأول يتخصص بالإجابة عن بعض الشبهات التي استهدفت قضية الامام المهدي للرد على:
(الشبهة الأولى):
ترى أن ما ورد في ولادة الامام المهدي f ضعيف سنداً، بينما وافق الكثير من علماء السنة والجماعة آراء الشيعة، بينما حاول أهل التضليل أن يخفوا هذه الحقيقة.
ونقل إبراهيم القندوزي ما قالته حكيمة بنت محمد الجواد عمة الامام الحسن العسكري D عندما رأت في مولده الكرامات: هل يا سيدي عندك علم في هذا المولود المبارك؟ فأجابها الامام الحسن العسكري A:ـ يا عمة، هذا المنتظر الذي بشرنا به النبي J وقد أخبرنا عن المهدي، وانه من ولد الحسين A.
(الشبهة الثانية):
حول عمر الامام المهديA، بينما نوح A عمّر 950 عاماً ويونس بقي حياً في بطن الحوت، وتوصل علماء طب الشيخوخة لجعل إطالة عمر الانسان، وأفلح علماء في استخدام مادة كيماوية تطيل عمر الخلايا البشرية وتجعلها خالدة لا تموت.
(الشبهة الثالثة):
شبهة السرداب، وأجاب العلامة الشيخ محمد حسن آل ياسين من ضمن ما أجاب حين قال: (سرداب الغيبة، فكان معروفاً ومعلماً بارزاً في العتبة المقدسة في سر من رأى، وقد استمد قدسيته وأهميته من علم الناس بكونه جزءاً من بيت الأئمة D، الذي عاشوا فيه أيام اقامتهم في سامراء، وكان موضعاً لمبيتهم وعبادتهم في بعض الأحيان.
وقال الشيخ المحلاتي (رحمه الله) وهو من أعلام الشيعة: (ليس اشتهار هذا السرداب بسرداب الغيبة؛ لأن الحجة غاب فيه بل؛ لأن بعض الأولياء تشرف بخدمته فيه، وانه مبيت لثلاثة من الأئمة D، وموضع تعبدهم، لذلك صار من البقاع المتبركة.
(الشبهة الرابعة):
كيف يمكن الاستفادة من وجوده وهو غائب مع أن الإمام لابد من أن يستفاد من وجوده. حدثنا تاريخ الأنبياء السابقين والأئمة المعصومين أو القادة المصلحين، وكيف توقفت المنفعة الظاهرية من وجودهم، حين لم توفر الشروط الموضوعية للقيام بمهامهم الموكلة لهم، ولم ينكر أحد وجودهم آنذاك، فقد جلس علي A في بيته اكثر من عشرين عاماً، ولم يزاول عمله الذي أوكل اليه، وكذلك ابنه الحسن A وكذلك الامام الكاظم حين قضى العمر في السجن، وكذلك بعض الأنبياء الذين من قبلهم.
وقد يكون سبب حجب القائد الظاهرية من القادة والمصلحين هو الأمة نفسها واعراضها عنهم، ولو توفرت الشروط الموضوعية للقيام بالمهام الموكلة لهم لقاموا بها، وهذا الكلام ينطبق تماماً مع الامام الغائب، والاستفادة منه بما انه حيّ من الأحياء يغيب ويحضر، يختفي ويظهر، والامام مبسوط اليد، وهذه الاستفادة وان كانت أكمل من النحو، لكنها قد تعذرت؛ بسبب موجبات غيبته، وان عدم معرفة الشيء وعدم الاطلاع عليه لا يعني نفيه وانكاره.
وإن بعض الروايات شبهت الفائدة من وجوده حال غيبته بـ(الشمس اذا جللها السحاب)، كما في رواية جابر بن عبد الله الانصاري, للإمام فائدة لوجوده حال غيبته، وإن جهلت بعض جوانبها، حيث ورد انه يرعى مصالح مواليه، ويدعو لهم ويحل ما أمكنه من مشاكلهم ويحضر مواسمهم بل إن تواتر النقل عن بعض الحوادث التي تدل على عنايته برعايته.
(الشبهة الخامسة):
شبهة أن المهدي فكرة شيعية لا أساس لها في مصادر عامة المسلمين.
إن عدم وجود فكرة ما في مصادر البعض لا يعني بطلانها، قد يعني عدم حيادية الرواة ومن جمع الروايات، فقد رأينا أن حديث الثقلين بالغ الشهرة، وحتى مسلم ذكره في صحيحه، بينما تغافل عنها البخاري مع شهرة الحديث وأهميته في مصير الناس.
ألم تُملأ مكتبات المسلمين بالكتب التي تناولت فكرة المهدي وتلقفتها بالقبول وبعضها أثبتت ولادته، وبعضها اثبتت غيبته، وبعضها تحدثت عن احواله، فقد ألف الكثير من أعلام أهل السنة في المهدي الموعود مثل كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي ونور الدين ابن الصباغ المالكي، والعارف عبد الرحمن الصوفي وشمس الدين محمد بن طولان الحلفي، وأحمد بن حنبل وغيرهم الكثير.
(الشبهة السادسة):
لماذا لم يطل الله عمر النبي محمد بدلاً من إطالة عمر المهدي؟
لو كان المفروض هو إطالة عمر النبي حيث احتياج الأمة والدين لكان المفروض إطالة عمر النبي إبراهيم، أو عمر النبي نوح، أو عمر النبي آدم بدلا من بعث هذا الخلق الكثير، والكم الهائل من الأنبياء؟ صاحب الشبهة سيقول: إن حكمة الله تعالى اقتضت تعدد الأنبياء، فبعث لكل أمة نبياً، وسنقول له كذلك: اقتضت حكمة الحاكم تعالى أن يقبض الرسول J، ويأتي من بعده أوصياء على سنة من سبقه من الأنبياء، ويأتي دور للمهدي f ولا داعي لإطالة عمر النبي لما ثبت في محله من انه سيأتي من بعده أوصياء ليحفظوا الدين، ويقودوا مسيرة المؤمنين، وقد منع المهدي من القيام بالأمر الموكل اليه، فكان لا بد من إطالة عمره الشريف الى أن تحين الظروف المناسبة.
(الشبهة السابعة):
شبهة السفارة والاتصال بالإمام الغائب في زمن الغيبة الكبرى.
إن حصر سفراء الامام المهدي بهذا العدد أربعة مهم جداً؛ لأنه أقيم الدليل عليها بالنصوص وتوقيعات صادرة عن الامام الغائب ان السفراء أربعة لا خامس لهم، وأن بعد السفير الرابع علي بن محمد ستقع الغيبة الكبرى والانقطاع التام عن السفارة حتى الظهور المقدس، والمشاهدة تعني بقرينة قوله: (ولا توصِ الى احد)، وهناك تدليس ذكر أحد أدعياء الاتصال نسبياً بالإمام المهدي دليلاً على انه خليفة الامام المهدي، وهو رواية عن النبيJ: (اذا رأيتموه فبايعوه فانه خليفة المهدي)، بينما القول الحقيقي: (فاذا رأيتموه فبايعوه فأنه خليفة الله المهدي)، ليقنع أتباعه بأنه خليفة المهدي، ولو كان ذلك عبر تحريف الألفاظ.
وهناك شاهد آخر على التدليس، فقد ذكر الصادق A في خبر طويل يتحدث عن أصحاب القائم يقول: (ومن البصرة احمد)، عندما نرجع الى المصادر نجده يذكر احمد بن مليح وليس احمد بن إسماعيل.
وأما تحريف معاني الروايات في شأن المهدي ليفهم المتلقي قسراً انها تدل على ما يدعون وهو يقول f: (لا سفارة بعد علي بن محمد السمري، وان خروج اليماني مقترن بخروج السفياني)، ولا يختص العلم بخروجهما بفئة دون أخرى، وعدم اقتران دعاوى هؤلاء مع خروج السفياني، مما يعني كذب دعوى اليماني والسفارة معا.
(الشبهة الثامنة):
شبهة البنوة والوصايا.
وفي الفصل الثاني هناك موضوع في الشبهات حول تقرير الشبهة الأولى عدم وجود دليل على مشروعية التقليد، وشبهة أن روايات ونصوص الفقهاء تحرم التقليد، وهذا تدليس وحشو في الكلام، ومحاولة زج ما هو ليس من صلب المسألة كلام الشيخ المفيد واضح جداً، يتحدث عن التقليد بالاعتقادات؛ لأن الكتاب نفسه في العقائد لا في الفروع، انه يريد ابطال التقليد المقابل للنظر والاستدلال والتقليد بالاعتقادات، قد نفاه اجماع فقهائنا.
(الشبهة الرابعة):
التقليد نشأ حديثاً، بينما هو كان شائعاً في زمن أئمة اهل البيت D، وانهم أرشدوا شيعتهم بالرجوع الى أهل النظر والمعرفة.