نـزهـة فـي جـنــائـن الـتـفـسـيـر

29-02-2020
خاص صدى الروضتين
(يُوقِنُونَ):
قال تعالى: ((وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)) (سورة البقرة: 4) معناه: أيقن بها قوم من حيث دلتهم على الحق الواجب على كل هؤلاء أن يستدلوا بها ليصلوا الى اليقين، كما وصل غيرهم اليها, وقيل ((لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) (سورة البقرة: 118)، معناه: عند قوم يوقنون بالله وبحكمه، فأقيمت اللام مقام عند، ويقول السيد مكارم الشيرازي في كتابه (تفسير الأمثل): إن من أفضل صفات المتقين أنهم بالآخرة يوقنون، أنهم يوقنون بأن الانسان لم يُخلق عبثاً.

(أَنْداداً):
قال تعالى: «فَلا تَجْعَلُوا للهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (سورة البقرة: 22)، إن الكفار العادلين عن الحق المتخذين مع الله شركاء، ويجعلون لله الملائكة البنات، والنصارى الذين جعلوا المسيح ابن الله، واليهود الذين جعلوا عزيراً بن الله، ويرى الشيخ الطوسي (قدس سره) أن هذا الفعل جاء زيادة على كفرهم ونكرانهم، فجعلوا لله أنداداً، والند أي المناوئ، أي يجعلون له أمثالاً في العبادة.
ويرى السيد مكارم الشيرازي أن الند هو الشبيه أو الشريك، وهذا الشريك قائم في أذهان المشركين، وليس أمراً واقعياً، والند مشاركة في الجوهر، ولم يتخذ المشركون هؤلاء الأنداد للعبادة بل يحبونهم كحب الله، والذين آمنوا أشد حباً لله؛ لأنهم أصحاب عقل وادراك، يفهمون أن الله سبحانه مصدر كل الكمالات .



(رِجْز):
قال تعالى: «فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ» (سورة الأعراف: 162)، الرجز: العذاب أو العقوبة جزاء لما كانوا يمثلونه من معاصي الله تعالى ويظلمون بها أنفسهم، وأصل الرجس الميل عن الحق، والرجازة ما يعدل به الحمل، اذا مال عن حقه، والرجز عبادة الوثن، والناقة الرجزاء التي تميل في أحد شقيها لداء يعرض الله في عجزها.
والرجز عند السيد مكارم الشيرازي يعني الاضطراب، وقال النبي صلى الله عليه واله وسلم بشأن مرضى الطاعون أنهم رجز عذب الله تعالى به أمماً قبلكم، ومن هنا يتضح سبب تفسير الرجز في بعض الروايات بأنه نوع من أنواع الطاعون مشى بسرعة بين بني إسرائيل وأهلك جمعاً منهم .
(الطُّور):
قال تعالى: « وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ» (البقرة/60) حين مرّ قوم موسى بالظمأ، فجيء بحجر طوراني فضربه موسى بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، لكل سبط عين معلومة ماؤها لهم. أما بشأن كيفية رفع جبل الطور، قال تعالى: « وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَكُم وَرَفَعْنَا فَوقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَينَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ» (البقرة/63)، حدث هذا حين رجع موسى من الطور، فأتى بالألواح قال لقومه: جئتكم بالألواح وفيها التوراة والحلال والحرام، فاعملوا بها، قالوا: ومن يقبل قولك؟ فأرسل الله (عز وجل) الملائكة حتى رفعوا الجبل، فقال موسى عليه السلام: إن قبلتم ما آتيتكم به وإلا أرسلوا الجبل عليكم، فأخذوا التوراة وسجدوا لله تعالى، وهم ينظرون الى الجبل، وهناك من يقول: رفع فوق رؤوس بني إسرائيل بأمر الله لاتخاذ الظل عليهم وبالعكس، هناك من يقول: ان زلزالاً شديداً ضرب الجبل.