جائحة كورونا... في المنهاج القرآني والعترة الطاهرة
23-04-2020
طارق الغانمي
بعدما تعرض العالم ومنذ نهاية كانون الأول عام 2019م وبداية 2020م الى أزمة كبيرة؛ بسبب تفشي فايروس كورونا (كوفيد 19) الذي ظهر في الصين وانتشر في كل قارات العالم باستثناء أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية)، مخلفاً أكثر من مليوني مصاب لحد كتابة هذه السطور، وتمثلت هذه الأزمة التي شلت الحياة اليومية بالتمام في جميع مفاصل كوكب الأرض، معرقلاً الاقتصاد في عدد متزايد من الدول ممّا سبب هلعاً وفزعاً منقطع النظير.
ووسط هذا الانتشار الهائل للفايروس، غزا مصطلح غريب عن بيئتنا وهو (الجائحة) الذي أعلنت به منظمة الصحة العالمية يوم 11/ آذار/2020م أن هذا الفايروس بات مصنفاً (جائحة) أي أنه وباء متفش عالمياً، إذ لم يسبق مطلقاً أن شهدنا انتشار جائحة؛ بسبب فايروس مثلما يحدث الآن.
ولمناقشة هذا المصطلح والبحث عنه في التراث الإسلامي الحافل بالمنهاج القرآني، والمرويات عن النبي الأكرم J، وأهل بيته الأطهار D، نجد:
أخذ البعض يصنفه بلاء، وآخر يصنفه عقوبة إلهية أي: عذاب من الله (عز وجل)، قال تعالى: «وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ» (الأعراف:134)، الرجز في هذه الآية هو (العذاب) والمقصود به (الطاعون) الذي أرسله الله تعالى على فرعون وقومه.
هذه الآيات توضح النوائب والبلايا المنبهة من الله تبارك وتعالى إلى قوم فرعون، ويستفاد منها أنهم عندما كانوا يقعون في البلاء ينتبهون من غفلتهم بصورة مؤقتة شأنهم شأن جميع الطغاة، ويبحثون عن حيلة للتخلص منها، ويطلبون من موسى A أن يدعو لهم، ويسأل الله في خلاصهم، ولكن بمجرد زواله عنهم؛ ينسون كل شيء، ويعودون إلى سيرتهم الأُولى.
وقال تعالى: «فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ» (الأعراف:133)، مثل هذا العذاب يبعثه الله تعالى على الناس؛ لتركهم منهجه والأخذ بغيره.
وجاء في، تفسير الأمثل في كتاب الله المنزل لآية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: أن لفظة (الرجز) استعملت في معان كثيرة منها: البلايا الصعبة، الطاعون، الوثن والوثنية، وسوسة الشيطان، والثلج أو البَرَد الصلب. وجميع هذه المصاديق المختلفة لمفهوم يشكل الجذر الأصلي لتلك المعاني؛ لأن أصل هذه اللفظة كما قال (الراغب الاصفهاني) في (المفردات في غريب القرآن): هو الاضطراب، وحسب ما بيّنه (الطبرسي) في (مجمع البيان) مفهومه الأصلي هو الانحراف عن الحق.
وللبقية تتمة في الأجزاء القادمة إن شاء الله تعالى.