المركز الثقافي للارشاد والتنمية في محافظة نينوى بادرة أمل تزرعها العتبة العباسية المقدسة وسط قضاء سنجار
29-05-2020
طارق الغانمي
مع انتشار الأعمال الخيرية في مختلف المحافظات العراقية وتوسع المبادرات، سارعت العتبة العباسية المقدسة إلى إنشاء مركز تنموي إرشادي ثقافي وسط قضاء سنجار في أقصى الشمال الغربي لمحافظة الموصل. بادرة جسدت مدى الأخوة ومعنى التكافل الاجتماعي لمساندة أُناس أفقدهم الأشرار أبسط حقوقهم. ومن هذا المنطلق، كانت للعتبة المقدسة وقفة إنسانية مع أهالي القضاء الذي دمره الارهاب الداعشي بالكامل ولم يبقَ منه شيء.
يعد هذا المركز أول مركز تنموي ثقافي زرع الحياة في القضاء بعد التحرير ليكون نقطة انطلاقة لمشاريع أخرى تعمل على زيادة الوعي الديني والتربوي والفكري لأجيالها القادمة، وبهذا نهلوا معيناً صافياً من بركات صاحب الجود ع بالرغم من حجم الدمار الذي عصف بمدينتهم الجميلة.
صدى الروضتين كانت لها وقفة وجولة استطلاعية لمعرفة آلية عمل المركز وتنظيمه الإداري، والمهام التي يقوم بها، فتحدث مؤسس المركز فضيلة الشيخ حيدر العارضي من قسم الشؤون الدينية في العتبة العباسية المقدسة عن فكرة تأسيس المركز، قائلاً:
بعد تحرير المناطق التي اغتصبت من العصابات الداعشية الاجرامية، وبتوجيه من قبل سماحة المتولي الشرعي السيد أحمد الصافي (دام عزه) قامت العتبة العباسية المقدسة متمثلة بقسم الشؤون الدينية -لجنة الإرشاد والدعم المعنوي واللوجستي- بإنشاء بعض المراكز المهمة في تلك المناطق المحررة، ومن بينها منطقة سنجار في محافظة الموصل، إذ تم فتح مركز باسم (المركز الثقافي للإرشاد والتنمية) ومن مهامه يقوم بمجموعة من النشاطات الدينية والثقافية والفكرية على مدى السنة.
مضيفاً: من نشاطات المركز يقوم بمجالس دينية توعوية لنقل فكر وعلوم أهل البيت ع لتنمية الثقافة الإسلامية الصحيحة لدى أهالي ذلك القضاء بعد أن شوهت الزمر الداعشية الإسلام بالقتل والذبح والتعذيب والتشريد وغيرها من الأفعال المشينة التي لا تمت إلى الإنسانية بصلة.
ومن النشاطات الأخرى، ومثلما يعلم الجميع بعد تحرير قضاء سنجار وانعدام البنية التحتية فيه، هرع المركز بإقامة الدورات التعليمية والتدريسية لكل أهالي سنجار بمختلف مكوناتهم ولكل المستويات من الرجال والنساء والأطفال والشباب، فضلاً عن إقامة دورات لإيصال تعاليم وإرشادات أهل البيت ع في الأبواب الفقهية والأخلاقية والاجتماعية والتربوية، وغير ذلك من المناهج التربوية التي أعدت من قبل لجان مخصصة.
متابعاً: هناك دورات تثقيفية للنساء بمعدل يومين في الأسبوع وعلى مدى السنة، وكذلك احياء مناسبات الوفيات والولادات لأهل البيت D طوال العام، وكذلك ايصال المساعدات والمعونات للفقراء، وأيضاً يعتبر المركز مقراً لانطلاق لجنة الارشاد والدعم المعنوي واللوجستي ووفود العتبات المقدسة التي تصل تلك المناطق لزيارة القوات الأمنية من الجيش والشرطة والحشد الشعبي الموجودين في البؤرة المحيطة لقضاء سنجار.
مشيراً إلى: أن المركز ليس مخصصاً لفئة معينة، بل هو لجميع المكونات الموجودة في القضاء من سنة وشيعة وتركمان وأيزيدين وأكراد، ويقوم المركز بدعمهم وايصال المساعدات الممكنة والواصلة لهم باسم المرجعية الدينية العليا.
أما فضيلة السيد محمود الأعرجي مسؤول المركز الثقافي للارشاد والتنمية في قضاء سنجار، تحدث عن آلية العمل وتنظميه الأداري:
بعد الذي حصل في العراق، وبعد فتوى الوجوب الكفائي التي اطلقتها المرجعية الدينية المباركة هبت الجموع الخيرة من الشعب العراقي بشكل كثيف لنصرة هذه الفتوى المباركة التي حمت الدين والوطن والعرض من شرذمة الارهاب الداعشي. وكان للعتبة العباسية المقدسة في مواكبة مسيرة الدفاع عن المناطق المغتصبة دور فعال، أثمر عن انجاز مشروع متكامل بعد التحرير في كيفية محاربة الفكر المتطرف في هذه الاماكن ومنها قضاء سنجار.
فبعد تحريره في نهاية سنة 2017م، قامت لجنة الارشاد والدعم المعنوي واللوجستي التابعة إلى العتبة العباسية المقدسة بجهود فضيلة الشيخ حيدر العارضي بمهام متنوعة لخدمة أهالي هذا القضاء ومنها متابعة المزارات الشيعية الشريفة الموجودة والاهتمام بها، وجولات متتالية لتقديم المساعدات الغذائية واللوجستية وغيرها، ثم انبثقت فكرة إنشاء مركز ثقافي ينشر الوعي الديني والسلمي والاجتماعي والثقافي لدى الأهالي.
تبلورت هذه الفكرة وجاءت لحاجة المجتمع والناس لمثل هذه المشاريع التنموية والتي تعمل لخدمتهم، بعد أن كانت المدينة تفتقر حتى قبل 2014م لمركز مثل هذا النوع، وبجهود الإخوة في العتبة العباسية المقدسة ودعمهم غير محدود تم إنشاء هذا المركز في شهر رمضان المبارك لعام 2018م ومستمر إلى يومنا هذا.
تتضمن نشاطات المركز، برامج توعوية وارشادية متنوعة لكل أهالي سنجار، وخصوصاً بعدما عانت المدينة من مشكلة تربوية، وهي عدم وجود مدارس ولا اساتذة مختصين يأتون للعمل في القضاء، مما ولد نقصاً في بعض المواد الدراسية كمادة الرياضيات والانكليزي وحتى التربية الاسلامية وغيرها.
ودعما منها للمسيرة التربوية في سنجار قام المركز الثقافي للارشاد والتنمية بمبادرة منه بافتتاح مشروع الدورات النموذجية الفصلية بإعطاء دروس للطلبة ولكلا الجنسين وبمختلف فئات المجتمع السنجاري، وهذه الدورات الاكاديمية شملت اللغة الانكليزية والرياضيات والحاسوب ابتداءً من مراحل الابتدائية وانتهاءً بمراحل الاعدادية.
أيضاً للمركز نشاطات ودورات توعوية أخرى ومنها إحياء مناسبات أهل البيت ع، وإحياء المسيرة العاشورية في شهري محرم وصفر من كل عام، وتنطلق هذه المسيرة من مرقد السيد ذاكر الدين (طاب ثراه)، وصولاً إلى مزار السيدة زينب الصغرى ع الذي يقع في وسط المدينة.
أيضاً هناك دروس ثقافية وارشادية في العقيدة والدين وتتناول العقائد والفقه والأخلاق وحفظ القرآن والقراءة الصحيحة للقرآن الكريم، وهذه الدروس تركز على فئة الأطفال والمراهقين ولكل الجنسين. ونأمل في المستقبل تطوير المركز من خلال احتضان الندوات الثقافية والعلمية والورش العملية لكوادر مختصة في وضع حلول ناجعة خدمة لأهالي قضاء سنجار وهم يستحقون ذلك.
المركز قد أثبت نجاحه بشكل كبير بجهود الاخوة العاملين في المركز والدعم غير المحدود من الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة والرعاية الأبوية الخاصة من قبل سماحة المتولي الشرعي السيد أحمد الصافي (دام عزه).
ونحن بدورنا نقدم الشكر والثناء له وعلى توجيهاته السديدة السباقة برعاية الأنشطة التي تتعلق بالإنسانية حتى وإن كانت بعيدة جداً، فهذا المركز يقع في اقصى الشمال الغربي لمدينة الموصل ويقع على الحدود العراقية السورية، ويبعد أكثر من 120 كم عن مركز المحافظة.
فضيلة الشيخ رزاق الخفاجي من لجنة الارشاد والدعم المعنوي واللوجستي:
بعد تحرير مدينة سنجار من داعش، كان وضع الناس هنا مزرياً جداً، فتصدت لجنة الارشاد والدعم للمهمة بتوزيع المساعدات الغذائية واللوجستية على الأهالي بكل مكوناتهم المسلمة وغير المسلمة.
فضلاً عن ذلك، أن مدينة سنجار فيها بعض الأضرحة المقدسة التابعة لأهل البيت ع، لذا قامت العتبة العباسية المقدسة ببعض المهام للمحافظة على هذه المراقد الدينية، وفتح مركز ومقر للموالين لغرض التنمية والثقافة الإسلامية وكسب الموعظة والارشاد وإحياء مناسبات آئمة أهل البيت ع، إضافة إلى اقامة الدورات التأهيلية والثقافية والأكاديمية على مدى العام.
المركز له نشاطات كثيرة ترعاها لجنة الارشاد والدعم، منها إقامة المجالس الحسينية وإحياء شهادات ووفيات وولادات أهل البيت ع، وإقامة مجالس دينية وتوعوية خلال شهر رمضان المبارك، وفي شهر محرم الحرام إحياء الليالي العشر الأولى وقراءة المقتل الحسيني وغيرها من النشاطات الأخرى.
الأستاذ مؤيد ابراهيم محمد مدرس اللغة الانكليزية، وأحد ملاكات مركز الثقافي للارشاد والتنمية:
بعد افتتاح المركز في مدينة سنجار بجهود الاخوة في العتبة العباسية المقدسة، وهي مبادرة ليست بغريبة عليهم يشكرون عليها، ونتمنى لهم التوفيق والسداد أكثر.
ملاكات المركز حاولت أن تكون عوناً لهؤلاء الأطفال والمشردين الذين خرجوا من هول صدمة النزوح والقتل والارهاب، ومن هول الانقاض التي خلفتها العصابات الداعشية المجرمة، ومثل ما رأيتم فالمدينة شبه مهجورة ومهدمة والخدمات فيها معدومة بالرغم من تحريرها لأكثر من عامين.
القضاء الآن فيه مدرسة واحدة صالحة للعمل تضم أكثر من 1600 طالب وطالبة تقريبا، ومدير ومعاون ومعلم واحد ضمن ملاكاتها الرسمية، والبقية هم محاضرون بالمجان، ففي هذه الحالة أصبح ضغط كبير على المدرسة، ولا تستطيع الإيفاء بكل الدروس، لذا من مهام هذا المركز هو إعادة تأهيل الطلبة من خلال إقامة الدورات المكثفة لأجل تعويضهم على ما افتقدوه من المدرسة، وأنا بدوري أعطي دروساً باللغة الانكليزية وتعلم المحادثات والترجمة وتعلم القراءة الصحيحة، وأمور أخرى.
الأستاذ عادل عباس خلف مدرس الرياضيات والحاسوب، ومتطوع بالعمل في مركز الارشاد والتنمية في سنجار:
نقوم بإعطاء الدروس ليومين في كل أسبوع وعلى مدى عام كامل، ولكلا الجنسين ولمختلف المراحل العمرية الابتدائية والمتوسطة والاعدادية.
نعم، نعاني من مشكلة في المركز وهي اختلاط الأعمار، نلاحظ الطفل وهو بعمر ست سنوات جالس مع آخر بعمر عشر سنوات، لذا نحتاج بمرور الوقت إلى دعم أكثر لحل بعض المشاكل التي يعاني منها المركز.
نقدم الشكر والامتنان للعتبة العباسية المقدسة على هذه المبادرة الرائعة باحتضان المشردين والنازحين ومحاولتها إعادة الحياة لهم، وهي بادرة تجسد مدى التلاحم والاقبال على أعمال الخير في بلدنا الحبيب العراق.
حلا عباس مدرسة التربية الإسلامية، وتعمل متطوعة في المركز:
في البدء أقدم الشكر والتقدير لكل المشرفين على العتبة العباسية المقدسة، بإنشاء هذا المركز المهم والحيوي الذي استطاع إعادة أبنائنا الطلبة والتلاميذ إلى الحياة العلمية والثقافية، وهي جهود مضنية لتلبية احتياجات شريحة مهمة في قضاء سنجار وانتشالهم من الواقع المرير الذي تعرضوا له نتيجة الأحداث الاجرامية التي قامت بها الزمرة الداعشية.
لقد استفاد الطلبة والتلاميذ وهم بهذا العمر الصغير من الكثير من الأمور العقائدية والفقهية التي زرعت في نفوسهم ثقافة الحلال والحرام، وتصحيح مفهوم الصلاة والالتزام بها، فضلاً عن القراءة الصحيحة لسورة الفاتحة والسور الأخرى وتعلم الوضوء الصحيح، وتعلم الطهارة من النجاسة، وأيضاً تلقي الدروس الأخلاقية لمدرسة أهل البيت ع، ونتمنى من القائمين تطوير المركز والاستمرارية لخلق جيل متسلح بثقافة القرآن الكريم وفكر أئمتنا ع.