جائحة الكورونا في المنهاج القرآني والعترة الطاهرة الحلقة الثالثة
29-05-2020
طارق الغانمي
أدى الانتشار الواسع لفايروس كوفيد 19 المسمى بـ(الكورونا)، إلى الحكومات والمنظمة الصحية العالمية إعلان حالة الطوارئ واستنفار الطاقات الطبية والأمنية؛ استعداداً لمواجهة هذا الفايروس القاتل، وها نحن على مشارف الشهر الخامس على انتشاره إذ أصاب أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وأكثر من (200) الف حالة وفاة حسب احصائية منظمة الصحة العالمية.
وفي نهاية المطاف، تمثل انتشار هذه الجائحة زيادة مفاجأة وغير متوقعة في عدد حالات الوباء والتي تكون غريبة بالنسبة لبلد أو مجتمع ما، الانتشار بدأ بنشاط متصاعد مما جعل تفشيه خارجاً عن نطاق السيطرة في داخل البلد الواحد أو الموقع الجغرافي الواحد.
في الحلقات السابقة، بينا أنواع البلاءات التي يتعرض لها الإنسان تؤدي إلى فتك حياته اليومية منها: كثرة الفساد والفسق والظلم، أما في هذا الحلقة سنبين من هم الذين لا يصيبهم العذاب وينجيهم الله تعالى من البلاءات:
قال تعالى: «ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ» (يونس:103).
نتأمل الآية الكريمة في موضعين:
- «ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا» فينجي الله تعالى المؤمنين ويوافيهم الفرج والنجاة من العذاب.
- «كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ» يشير النص المبارك إلى وعد رباني بنجاة المؤمنين, وهو يشمل كل زمان ومكان, ولا يقتصر على زمان ومكان محددين.
نسقرأ الآية المباركة من منظور بعض التفسيرات المهمة، ومنها ما جاء في تفسير الأمثل للشيخ مكارم الشيرازي: أن العناية في الآية ببيان الوعد المنجز، فمن يعمل الصالحات له على الله أجر منجز وحق ثابت ونجاة من كل بلاء وعذاب، بل أمره مراعى بشفاعة تلحق بالمؤمنين.
أما الشيخ الطوسي له وجهة نظر أخرى، إذ جاء في تفسيره التبيان-ج ٥- الصفحة ٤٣٩:
أن النجاة مأخوذة من النجوة وهي الارتفاع عن الهلاك، والسلامة مأخوذة من إعطاء الشيء من غير نقيصه، أسلمته إليه إذا أعطيته سالماً من غير آفة.
وأن النجاة من يقر من المؤمنين كالنجاة من مضى في أنه حق على الله ثابت لهم ويحتمل أن يكون العامل في (كذلك) ننجي الأول وتقديره ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك الانجاء، ويحتمل أن يعمل فيه الثاني، وكذلك حقا علينا.
ونظيره قوله تعالى في آية أخرى: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون» (حم السجدة: 8)، وقد جعل الله سبحانه حقاً للمؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثواباً دائماً غير مقطوع.
وقال تعالى: «وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ» (النمل:53)، إنه إذا أراد الله تعالى إهلاك قوم استحقوا الهلاك نجى منهم المؤمنين والمتقين من بينهم وخلصهم من العذاب.
وفي الختام نقول: «إن الإسلام هو دين الحياة ومنهجها القويم الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لعباده، وكلفهم به عن طريق كتابه الحكيم ورسوله الأعظم محمد ص والأئمة الأطهار المنتجبين من أهل بيته ع، فالتمسك بهم خير وسيلة للنجاة من العذاب والبلاء والالتزام بمنهجهم هو الظفر بالمنهج الأسلم في هذه الحياة المليئة بالبلاءات والابتلاءات، اجارنا الله وإيّاكم من العقوبة والانتقام، وهدانا لما يحب ويرضى بجاه الحبيب الأمين وعترته الطاهرة.