رجلٌ من ذلك العصر

06-09-2020
حسين مناتي
ها أنا ذا أكتب عنه، لا زلت أتذكره كيف كان عصبياً جداً، يحترق بشغف كبير!!
لعله كان يريد أن يغيّر أمراً، أو يصلح شيئاً!
الدائرة الاجتماعية التي كان يعيش فيها والتي كان يعد البؤرة الاصيلة لها متعددة الألوان ومختلفة الأطياف، هذا إن لم يكن هو الوحيد فيها شابه اللون والفكر والتوجه.
ليس زمانه زمان الحديث عن كل شيء، لكن الصمت الذي يبثه كان ينطق بكل شيء ويفضح لمراقبيه اشياء واشياء دون خوف او وجس!
مجتمعه المتعدد حاول ولأيام طوال ان يهبط بهذا الرجل الى اعماق الاستخفاف وابعاده عن الانظار إلا انه وفي كل مرة كان يأتي من بعيد لينقذ موقفاً قد نطق فيه جاهل القوم وقد استخف بتوجهات الامة او ما قد يترتب على ذلك...!
اما بقية الجمع، فكان على رأس كل زمرة رجل يحب مصالحه كثيراً ولا يريد من هذه الدنيا وحتى الاخرة سوى ما ينتفع به من حقوق الناس وثرواتهم في الدنيا حصراً حيث لا عدل ولا خوف ولا ترقب كما في الاخرة.
نعم تعددوا وتكاثروا واستخفوا ثم استفردوا ليساعدوا على قتله ومقته والطريق الى ذلك كان اسهل من كل مرة، الزوجة تدس السم في طعامه حتى وصلت الجرأة بذلك السم ان تفتت كبده!!
لم يمت الحسن ع هوناً انما استشهد ليرتقي فيشهد عليهم يوم لا ينفع مال ولا بنون، ذهب الحسن ع وقد كان الممهد الرئيسي للثورة التي بات الناس بانتظارها، بل يتحرقون ليكون الجميع في جيش الخليفة المحمدي: «إنه ليس لنا إمام فأقبل لعل الله يجمعنا بك على الحق».
كان نتاج ذلك الصمت نجاحاً باهراً؟ وكيف لا يكون نجاحاً وقد غلب في صلحه دهاء اعظم داهيتين (معاوية وعمرو بن العاص).
بعد وفاة الحسن المجتبى لا سبيل لمعاوية اذا مات أن يورث حكماً او يستخلف خليفة فمرجعها رضي إن لم يرضَ الى الامام الحسين ع.
معاوية ولأول مرة خالي اليدين وليس امامه الا ان يخرج من ثوب الدين والوفاء ويفضح نفسه، وبهذا سيخسر سمعته التي بناها أمام الناس.
بالتأكيد كل تلك النتائج جاءت تدريجية لم يلاحظها مراقب الا بعد ان حان الحين وعرف اهل الامصار فضل تلك الطريقة في بداية فضح العبث الاموي وفكره السفياني.
يبدو أن الانسان لا زال تحت الخيار سيما وان كل شيء صار واضحاً، ولا يوجد ما يخفى، كانسان سأختار طريقتي التي سأعمل بها، ولا أقبل بأي مساومة على مستقبلي الاجتماعي، فواجبي أن أطبق شريعة النبلاء في اي وقت وفي اي مكان، فالمجتمع امانة قد تبدي رأياً او تختار احدهم وهو لا يستحق ذلك، وقد يمضي الجميع معك على هذا الخيار بفكرة العقل الجمعي وما يقوله فلان اقوله انا.
للانسان عقله هو المصباح الذي يضيء له كل ظلام، ويمنع عنه كل استخفاف، وفي زماننا هذا للإعلام دور كبير في كشف ما هو غائب مستور فلا يحق لأي أحد أن يأتي في يومٍ آخر ويقول لا أعلم، فليس بعد ذلك الا الغرور والطمع.
دائماً وابداً تحمّل الامانة، واجعل نفسك سبيلاً للتغيير، فقد لا يأتي التغيير بمجرد اجتياز الخطوة الاولى؛ لأنه قد يحتاج الى خطوات اخرى تكملها انت او غيرك، لكن في كل الأحوال يجب أن تكون الصورة واضحة وهذا فعلياً ما نتج عن معاهدة الحسن السياسية والتي اكملها الحسين ع بثورة كان اللون السائد فيها دماءه الزاكيات، لكنها لازالت ولن تزول...!