الإنـســـانية سـلــوك وتربية

01-11-2020
طارق الغانمي ‏
وأنا أتصفح مواقع التواصل، لفتني منشور قاسٍ ومؤلم جداً، وهو حرق قطة صغيرة بسكب مادة مشتعلة عليها، ثم إضرام النار فيها، وهربت القطة كالكرة الملتهبة مسرعة في محاولة منها لإطفاء النار، وهي تئنّ من الألم.
كيف لأحد أن يفعل هذه الكارثة الإنسانية؟ أين قلوب الناس؟ وأين الرحمة؟ هل انتُزعت من النفوس؟! لماذا كل تلك العدوانية في سلوكياتهم؟ أليست هذه من مخلوقات الله تعالى، وهو خلقها ليس عبثاً، وإنما لحكمة في وجودها؟ لعل لها أهمية في الحفاظ على التوازن البيئي للكون، فإذا لم يوجد قانون لحمايتها، أين محاسبة الضمير؟!
بعض الناس لا يعرفون المعاني السامية للإنسانية، ولا يعرفون إلا القسوة والعنف في عيشها مع تلك المخلوقات البريئة، وقد وصل بهم الحال إلى الضحك والاستهزاء بالجريمة البشعة، إنها فعلاً جريمة أليمة يستحق الوقوف عندها والكتابة عنها.
هناك خبر، يقول: قامت طبيبة أسترالية تدعى كاترين أيوبي بإعادة الأمل لطائر (الببغاء) في الطيران والتحليق مرة أخرى، لكن بجناحين صناعيين بديلين؛ لكونه تعرض إلى حادث سقوط من مكان عالٍ جداً، ممّا استدعى منها إجراء عملية عاجلة واستبدال جناحيه المبتورين بآخرين صناعيين وكسوهما بالريش، حتى يتمكن الطائر من ممارسة حياته بأريحية تامة.
هذه هي الإنسانية الحقة، إنها مسألة سلوك وتربية لا مسألة عدوانية وإجرام، بعض الناس بحاجة إلى بث ثقافة الرحمة فيهم؛ لأجل تحقيق مبدأ السلام مع المخلوقات الأخرى (النبات والحيوان)؛ لكونهم شركاءنا في هذا الكون الواسع.
وقد ميّز الله (عز وجل) الإنسان عنها بالعقل، وجعل من مبادئ حياته الرحمة؛ كي تظهر قيمة التعايش الحقيقي، وتتحقق ثمار الشراكة بينهما، ولهذا ستشهد الحياة مراحل عظيمة من البناء النفسي والإيماني والسلوكي، وهذه هي فلسفة الخلق والعيش مع الآخر.