بأجواء من الفرح والسرور.. جامعة العميد تنظم حفل تخرج الدفعة الأولى لكلية الطب البشري
05-07-2023
محمد عرب
تحت شعار (طبيب يحمل شعار العلم)، احتفلت كلية الطب في جامعة العميد بتخرج الدفعة الأولى من طلاب الطب البشري لعام 2023م.
وشهد الحفل حضورًا مميزًا من مسؤولي العتبة العباسية المقدسة ومنهم مدير مكتب المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة الدكتور أفضل الشامي، ورئيس هيئة التربية والتعليم العالي الدكتور عباس رشيد الموسوي، وعدد من رؤساء أقسام العتبة المقدسة، إضافة إلى رئيس جامعة العميد الدكتور مؤيد الغزالي، وأعضاء هيئة التدريس والموظفين العاملين في الجامعة، وعوائل الطلاب المتخرجين.
استهل الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، وتلتها تلاوة سورة الفاتحة على أرواح شهداء العراق تكريمًا لتضحياتهم في سبيل الوطن، وقراءة النشيد الوطني العراقي وانشودة الإباء.
اعقبتهم كلمة الأمانة العامة للعتبة المقدسة ألقاها عضو مجلس إدارة العتبة العباسية المقدسة، الدكتور عباس الموسوي، وجاء فيها:
الحمد لله وكفى، وأزكى الصلاة وأتمّ التسليم على سيد من خلق، وصفوة من اصطفى، وتحيات زاكيات على الراسخين في العلم درجات أهل بيت نبيّه، أعلام الدين وقواعد العلم السبيل الواضح إلى الله، والمسلك إلى رضوانه، أبواب مدينة علمه، وسدنة رسالته. وسلّم تسليماً كثيراً، وبعد، حضورنا الكريم، المحتفى بهم أبناءنا الأعزاء، بناتنا الفضليات، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، نعم، فكم لهذه العتبة المقدسة: العتبة العباسية، من وقائع، وكم لها من صنائع!
وكم لها من بدائع وروائع!
آمنت أولاً بأنّ الله تعالى جعل قبر أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقبور ولده بقاعاً من بقاع الجنة وعرصةً من عرصاتها، وإنّ الله جعل قلوب النجباء من خلقه والصفوة من عباده، تحنّ إليهم وتحتمل المشقة والأذى، فيعمرون قبورهم ويكثرون زيارتها تقرّباً منهم إلى الله ومودّةً منهم لرسوله، وتؤمن بأنّ أولئك هم المخصوصون بشفاعة النبي (صلوات ربي وسلامه عليه)، وهم الواردون حوضه وهم زوّاره غداً في الجنة، وتؤمن أنّ من عمّر قبورهم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس.
ومن زار قبورهم عدل ذلك ثواب سبعين حجّةً بعد حجّة الإسلام وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتهم كيوم ولدته أمّه، تؤمن العتبة العباسية المقدسة بكلّ ذلك؛ لأنه متواتر صحيح عن النبي عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وآلهما)، وتؤمن أن وراء ذلك بشرى النعيم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال.
ولإيمانها الراسخ هذا، كانت مشاريع عمارة العتبة المقدسة الفريدة، وكانت ضروب شتّى وفنون شتى من خدمات الزائر الكريم، وتلك أولى الصنائع، ثمّ عزمت بعد فراغها من العمران وخدمة الزائرين، إلى خدمة الدين والمذهب، وتلك صنائع يكلّ دونها العادّون، ولها شواهد ووقائع، آخرها هذا المحفل المبارك، ثم أن لها في خدمة الإنسان أنّى كان وحيث كان، روائع وبدائع لا نهاية لأمدها، فقد حرصت العتبة المقدسة على تقديم خدماتها الأخرى للمجتمع واستهدفت توفيَر الأمنِ الغذائي وتعزيز الزراعة المستدامة، ودونك بدلَ المثالِ أمثلةً، فقد اخضرّت بمشاريعها صحراءُ، وأينعت ثماراً ونخيلاً بطعوم وأصناف ما سَمِعَ بأسمائها إلا آباؤنا الأوّلون، ودونكم – أخيراً - الحزامَ الأخضر أيضاً، والقائمة تطول.
ولقد ضمِــنت صحياً شريحة كبيرة، مع ضمان تمتّع شريحة أخرى بأنماط عيش طيبة وصحية، وأحرزت تقدّماً في زيادة فرصِ الحصول على المياه، وأسهمت في الحد من تنامي الأوبئة، وحفظت ما حفظت من موتٍ محتوم، ولولا غصةٌ في الحلق من تذكّر الماضي القريب لاستعرضنا صنيعها في زمن كورونا بل صنائعَها وما أكثرَها.
ومن قبلُ كان وباءُ داعش الذي كاد أن يقضمَ النسلَ والحرث، لولا نهج سيّدِها سيدِ النجفِ إمامنا السيد السيستاني (دام ظلّه)، الذي تتشرّف أنّها تستنّ بهديه، وتنهل من فيض ممثّله متولّيها الشرعي الذي يرسم لها الرؤية والرسالة والأهداف، سماحة السيد أحمد الصافي أدام الله خدمته وعزّه.
ولها في ميدان التعليم قصة تروى؛ ضمِنت فيها تعليماً نوعياً مميزاً، منصفاً، وعزّزت فرصَ التعليم لفئات محرومة مدى حياتهم، كما أنّ لها في محو الأمية باعاً محموداً.
ولها في تمكينِ المرأة، وتوفيرِ فرصِ العملِ اللائق بها، وحقِّها في التعليم مجال طيّب.
وخصّصت مشاريع فكرية لا نفاد لعددها، وأخرى ثقافية، وشجّعت الابتكار واحتضنت المواهب وآمنت بعقول أهلِها العراقيين تحفيزاً وتعزيزاً وتشجيعاً لإدامة الابتكار.
نعم أيّها الخرّيجون.. فإنّ قائمة الخدمات تطول، وإن وجوه الخدمة تتعدّد، ويبقى من أوسم تلك الوجوه، هو التربية والتعليم؛ فهو ممّا تعتزّ به، وتفاخر، وتنوّع الأساليب، وتلتمس الوسائل لعنايتها به؛ فقد كانت خدمته في صميم رؤيتها ورسالتها وأهدافها، ومنها أنّ الزمنَ أرانا تصاعداً مخيفاً في إفرازاتِ المشهدِ الجامعي، التي بدأت تهدّدُ منظومةَ القيمِ الأخلاقيةِ التي لها في نفوسِنا ما يُشبهُ القداسةَ.
وكعادتنا فإنّنا لا نملأ الفضاء نقداً وتقريعاً وتجريحاً، بل دعونا القائمين على هذا الشأنِ، إلى أن يُحِدّوا من تسارُعِهِ المخيفِ فيضعوا المحدّداتِ الأخلاقيَّةَ والقيودَ الاجتماعيةَ التي تضبطُ جموحَهُ، وتُحِدُّ من إفرازاتِه التي لا يجمعُها والوسطَ الجامعيَّ أيُّ جامع.
وذكرناهم بما نشأنا عليه، وما انطوى عليه الواجب، كما ذكرناهم بإجراءٍ صنعَه المختصون بالشأن الطبي قديماً، فهم حين رأوا ما أفرزه الميدانُ الطبّي من تطوراتٍ؛ دعتْهم الحاجةُ إلى إيجادِ نظمٍ وقوانينَ وعلمٍ للأخلاق الطبيةِ بوصفه اعتراضاً على جموعِ التطورِ العلميِّ الطبيِّ الحديثِ، وشططِهِ العلمي الذي اجتاح كرامةَ الانسانِ وأسهمَ في استباحةِ جسدِه.
وما زلنا نرنو بعين الأمل وننتظر ذلك اليومَ الذي تأخذ فيه إدارةُ الجامعاتِ دورَها الرقابيَّ المهنيَّ والوظيفيَّ والأخلاقيَّ والتربويَّ والعلميَّ، للإعلان عن ضوابطَ وأنظمةٍ وتعليماتٍ تُـــقَنَّنُ وفقَ إجراءاتٍ مُنضَبطةٍ ذاتِ سلوكٍ تعبيريِّ حقيقيّ، تضبطُ أخلاقياتِ الحرمِ الجامعي، وتكبحُ جماحَ ما تسلّلَ إليه من عاداتٍ وتقاليدَ دخيلةٍ، للحيلولةِ دونَ انتهاكِ حُرمةِ دورِ العلم، والمحافظةِ على كرامةِ طلّابِها؛ فالعلم والأخلاق صنوان لا يفترقان.
ومنها تقديم انموذجٍ إيجابيّ يُحتذى، فكانت جامعتا الكفيل والعميد، النموذجين، فمن شاء أن يتخذ إليهما أو إلى تقليدهما سبيلاً فهما متاحان، فمن لم يرد فذلك من عنده وما على الرسول إلّا البلاغ المبين.
ويبقى لجامعتينا، ولأخريات مثلهن فضلُ محاولةِ تصحيحِ المسار، وإيقادُ الضوءِ في نهايةِ النفق
منها توفير فرص دراسية رصينة لأبنائنا ممّن يحصلون على معدّلاتٍ عالية جداً، لكن طاقات جامعاتنا الحكومية لا تستوعبهم، فيطوون المسافات الشاسعة، ويتغرّبون عن أهليهم، ويدرسون بجامعات خارج البلاد لا تلبّي طموحهم بتعليم مهني رصين، وتقذف بهم في بيئات لا يجمع بعضها ومجتمعنا أيُّ جامع، ولن يكونوا في أعمارهم الغضة بمنأى عن التأثّر بها، ومنهم من يردّ بخفَّي حنين.
ولأنّ الغالبية العظمى منهم لا طاقة له على السفر ولوازمه، وفئة منهم لا يحالفه الحظّ بالقبول هناك فيطوي ضلوعه على حسرةٍ مزمنة تقضم كلّ أمل عنده، وفئة يقبلون ومن هذه الفئة من تحفّ به العناية فتقرّ به عيون وتسرّ نفوس، ومنهم من يكتسب علماً ويفقد قيماً، ومنهم من يرد إلى البلاد ولا يعلم من بعد علمٍ شيئاً.
لقد عاينت العتبة العباسية المقدسة المشهدَ كلّه، وتفاصيلَه وحركاتِه وسكناتِه، وطرحت البديل لبنيها، وفصلت النموذج على مقاس الحلم.
وها أنتم اليوم غرس تلك البذرة التي أينعت وحان قطافها، لتنفعَ العبادَ والبلادَ، كنا قد راهنا سابقاً على أصالة هذه الثمرة، وطيب منبتها، والفضاء الذي نمت تحت سمائه؛ فهو فضاء الطهر والقداسة، واليوم نرسم بكم لوحة من لوحات تعظيم الطبّ وتوقير الطبيب.
وسنباهي بكم، ونشكر الخالق الجليل جلّ اسمه الذي به تتمّ الصالحات، ونتلو آيات حمده وشكره، فله الحمد بجميع محامده كلّها على جميع نعمه كلّها.
نعم كثير من الطلبة وقليل من ذويهم من ينسى أنها لحظة حمد وشكر ففيها يهب الله هذا الطالب نعمةً حُرِم منها الكثيرون؛ فكم من إنسان استفحل الفقر عليه، فحال دون وصوله إلى هذه اللحظة، وكم من إنسان أصابه المرض في مقتلٍ فأقعده، فإذا هو طريح الفراش، أو قعيد الدار، فلم يعش هذه اللحظة، وكم من إنسان حُرِم نعمة وجود أبيه فتصدى للكسب والعمل وكدح كي يعيش غيره، فترك مقاعد الدرس، وكم من إنسان ابتلي بظرف قاهر، جعله يحلم بحياة طبيعية تجود عليه بفرصة الدراسة، وكم من إنسان تبع هواه، فأضاع نفسه، وضيّع مستقبله، ونأى بنفسه عن نعيم هذه اللحظة.
أليس يجدر بنا أن نحمده جلت قدرته؛ لأنّنا لم نكن من ضمن هؤلاء، أليس حرياً بنعمه أن تُحمدَ، وآلائه أن تُشكر.
فالحمد لله حمداً يوازي نعماءه التي أفاء بها علينا، ويوافي ضروب آلائه، التي مكّننا بها من مواصلة الدراسة، وسهّل لنا دروبها، لنصل إلى هذه اللحظة الفارقة.
إليكم وأنتم تترجمون الفرح مراسيم ومناسك ترضي العرف والدين، لتكون رصيداً يعتزّ به الوالدان والولدان، وذخيرة إن استعادتها الذاكرة في المستقبل، فإنّها ممّا يفخر بها المرء شاباً وكهلاً، إليكم لهذا، ولغيره، مزيداً من التقدير، وطوبى لكم وحسن مآب، شكراً للوالدين او من قام مقامهما، وأسرٍ عمرت بهما أو بذكرهما، شكراً للأساتذة الأفاضل، للعمادة، والأقسام، شكراً لرئاسة الجامعة ومجلسها الموقّر، شكراً لكلّ من كان وراءَ إقامةِ هذا المحفلِ..
وفي تصريح صحفي، أعرب عميد كلية الطب في جامعة العميد الدكتور رحيم مهدي، "عن فخره بالتميز العلمي والإنساني الذي تحافظ عليه كلية الطب في جامعة العميد، وان هذا التوفيق جاء من الله سبحانه وتعالى وبمؤازرة العتبة العباسية المقدسة ورئاسة الجامعة وبكلية الطب، وأن تأثير هذا التميز سيكون واضحا في المستقبل القريب من خلال الخدمة الصحية المميزة التي سيقدمها خريجو الكلية.
وأشار، "إلى أن الجامعة ملتزمة بتخريج أطباء يتمتعون بالمعرفة العلمية والرؤية الإنسانية يهدفون إلى خدمة المجتمع ويحملون بصمة مميزة على مستوى الجامعات في العراق، وتحديدًا بصمة جامعة العميد التابعة للعتبة العباسية المقدسة".
وأكد مهدي، "أن جامعة العميد تولي اهتمامًا كبيرًا لتطوير برامجها التعليمية والبحثية، وتوفير بيئة تعليمية متميزة تساهم في تنمية قدرات الطلاب وإعدادهم للمستقبل.
مبيناً، "تفاؤله بمستقبل كلية الطب في جامعة العميد، وثقته في قدرة خريجيها على تحقيق نجاحات كبيرة في مجال الرعاية الصحية والتطوير الطبي.
ومن جانبه عبر معاون عميد كلية الطب في جامعة العميد الدكتور ذو الفقار البصام، "عن سعادته الكبيرة بتخرج الدفعة الأولى من طلاب الكلية، وأن هذا التخرج يعد نتاجا لجهود مستمرة استمرت لمدة ستة أعوام، تم تكريسها من قبل العتبة العباسية المقدسة ورئاسة الجامعة، بالإضافة إلى عمادة كلية الطب بجامعة العميد".
مضيفاً: "إن التوجه والتعاون المشترك بين هذه الجهات المختلفة أثمر عن هذه المناسبة المهمة، حيث تم التقاط الصورة التذكارية والرسمية للطلاب المتخرجين، وأن هذه اللحظة الفريدة تعبر عن انجاز طويل الأمد ونجاح مشترك في مسيرة تعليم الطب".
مبينناً، "اعتزازه الكبير بمناسبة تخرج أطباء المستقبل، معبرًا عن أمله في أن يحظوا بحياة عملية مشرقة وناجحة ومستقبل علمي مليء بالإنجازات، وأن كلية الطب في جامعة العميد ستظل ملتزمة بتقديم تعليم عالي الجودة وتأهيل الأطباء المتميزين الذين سيساهمون في خدمة المجتمع ورفعة الوطن في مجال الرعاية الصحية.
وفي الختام ابدى الدكتور البصام عن خالص تهانيه للطلاب المتخرجين ولعائلاتهم، معبرًا عن تمنياته الحارة لهم بمستقبل مشرق ونجاح مستمر في حياتهم المهنية كأطباء.
وتحدث أحد الطلاب الخريجين محمد علي قائلاً، "أن شعوري لا يمكن وصفه بعد توجيه جهودي وتفانيي في مضي ست سنوات من الدراسة في جامعة العميد وتخرجي من كلية الطب، واود أن أشكر الله تعالى على التوفيق الذي وهبني اياه في هذا الإنجاز الكبير وعلى فرصة الدراسة في جامعة تتبع العتبة العباسية المقدسة هذه الفرصة لم تكن مجرد فرصة تعليمية بل كانت رحلة حقيقية من التحديات والنمو الشخصي".
واشار، "إن تخرجي من كلية الطب في جامعة العميد هو إنجاز يعزز ثقتي في قدرتي على تحقيق النجاح والتميز في مجالي المهني، سأستمر في السعي لتطوير نفسي، ومن هنا أتطلع إلى المستقبل بتفاؤل وحماس وآمل أن أتمكن من تحقيق أحلامي المهنية والعلمية، وأن أساهم في تطوير مجال الطب ورفعة بلدي".
وأضاف، "أشكر العتبة العباسية المقدسة وإدارة الجامعة على الدعم المستمر والفرص التعليمية التي قدموها لي ولزملائي الطلاب، وأشكر أسرتي وأصدقائي على الدعم والتشجيع الذي قدموه طوال هذه السنوات".