عطر الضريح الشريف يفوح شذاه الفريد ليعانق أنفاس الزائرين

16-10-2023
حسنين سامي جواد
تضوع من مرقد المولى أبي الفضل العباس (عليه السلام) رائحة زكية فواحة تشعرك بالانتعاش بمجرد دخولك إلى الصحن الطاهر، يستنشقها الزائر لتبعث في فؤاده الراحة والسكينة، فلها وقعها في النفوس.
نشر العطور بالضريح المقدس تقع على عاتق شعبة الحرم الشريف التابعة الى مكتب المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة.
الشعبة يحمل عملها طابعاً تراثياً في تلطيف الجو تحت القبة الطاهرة والباحة المطهرة بين القبر المقدس والصحن الشريف والتي يطلق عليها "الطارمة"، وينقسم عمل ملاكاتها إلى العمل التنظيمي المتعلق في تنظيم حركة الزائرين، فضلًا عن تنبيههم الى منع التصوير، وبالإضافة لمراقبة أماكن الصلاة وجمع الترب، وترتيب القواطع الحديدية.
وأما القسم الثاني من اعمالهم اليومية فهو الجانب الخدمي الذي يتفرع الى غسل الشباك والأرضية، بالإضافة الى تنظيف السجاد الداخلي، ومن اهم تلك الاشغال هي تعطير أجواء الحرم الشريف بالعطور الطبيعية في أوقات مختلفة.
العطور التي تستخدم في عملية التعطير اليومية تحصل عليها الشعبة عن طريق قسم المشتريات أو من قسم الهدايا والنذور عبر متبرعين اغلبهم من دول الخليج العربي حسب توضيح رئيس شعبة الحرم السيد عقيل الطيف.
وقال: "يبدأ العمل في تهيئة المعطرات المستخدمة وخلط العطور السائلاً بالماء البارد حصراً لضمان تفاعلها وفوحها وخزنها أيضاً بأماكن باردة للحفاظ على جودتها وتسمّى ورد الحرم".
متابعاً: "استمرار انبعاث تلك النسائم اللطيفة مرتبط أيضاً بالتعطير الثانوي الذي يكون على شكلين الأول هو اليدوي عبر المنتسبين المنتشرين في مداخل ومخارج الحرم من خلال علب العطر الرش بأنواع مختلفة مثل: الدنهل والكول واتر وغيرها، وأما الشكل الثاني الالكتروني وهو يتم عن طريق أجهزة الكترونية ذكية تزوّد بنفس نوع العطر التي يبلغ عددها 7 أجهزة 3 منها داخل الحرم والباقي منها في الطارمة الخارجية".
ويسمى الممر الفاصل بين الحرم والصحن الشريفين بالطارمة وهي على جانبين الشرقي والغربي لباب القبلة لضريح الامام العباس (عليه السلام) يضم كل جانب منهما بابا مذهبة بزخرفة نباتية بطريقة مميزة وجميلة لتخفف من زخم الزوار على الباب الرئيسية؛ كونها المدخل الاوسع للمرقد. ويشير مسؤول شعبة الحرم الى: "وجود معطرات دائمة مثل القوارير مطلية بالذهب، واخرى الزجاجة داخل القبر تتوزع على أركانه مع وجود 8 دوارق وتدعى "فازات" تضم أعوادا خشبية تمتص السوائل العطرية وتساعد في انتشارها بالتعرض الى الهواء".
وتحمل القوارير والدوارق المنتشرة داخل ارجاء الحرم رمزية خاصة في الزخارف الموجودة عليها بالطريقة القديمة وهي من نوع الزخارف الإسلامية بالألوان الثابتة.
وتحمل بعض الطقوس القديمة الموروثة رمزية معينة وخصوصية كبيرة، إذ توكل الى السادة الخدم حصراً وهي مسح الشباك الخارجي والابواب الفضية والذهبية في أوقات الخلوات، وعادةً تكون عند الصلاة أو الساعات المبكرة من الصباح حسب ما قاله مسؤول الوحدة الإدارية في شعبة الحرم الشريف الأستاذ امير عادل رسول.
ويبيّن السيد عقيل الطيف، أنّ: "تلك المهمة تكون بعطر الورد حصراً وتتم عبر قطعة قماش تعطر ويمسح فيها شباك القبر وباليد فقط بالنسبة للأبواب".
موكّداً: "كل مطيبات الجو المستخدمة هي من مواد أولية وآمنة بحيث لا تسبب أي مشاكل للزائرين الكرام عند لمسها أو استنشاقها".
وهذه المهمة موروثة قديمة انتقلت من جيل الى جيل، وبدأت بطريقة بسيطة بواسطة (القمقم) أي قارورة ماء الورد الفضية التي ينثر عبيرها على الزوار، وهي موجودة الان في متحف الكفيل للنفائس.
وبدوره أحد منتسبي الشعبة الأستاذ امير عادل بيّن ان: "الشعبة تعمل على تطييب الأجواء بالبخور ايضاً عبر عطر العود الأصلي بواسطة مبخرة يدوية خلال ثلاثة أوقات مسائية وصباحية مع التركيز على أوقات الصلاة".
موضحاً أن: "المبخرة تكون من الخشب الراقي لتكون لائقة بالمرقد المقدس وفي داخلها صحن من المعدن لوضع أقراص الفحم الصناعي بعد اشعاله وتنطلق بيد احد المنتسبين من مقر الشعبة والى ارجاء الحرم الشريف".