حوار مع المصور الفوتوغرافي والجوي سجاد الهلالي
02-01-2025
علي حسين عريبي
بدأ من لحظة مؤلمة...سجاد الهلالي يوثق عالمه من كرسي متحرك يتحدى ليوقف الحدث، هذا هو المصور الفوتوغرافي لكن مصورنا الهلالي انتصر بالكثير على التحديات، ليوثق ما حوله من لحظات جميلة او مؤلمة بكاميرته وكرسيه المتحرك خاض غمار فن صعب على كثير من الناس، الهلالي الذي فقد اطرافه السفلى نتيجة التهاب الاعصاب كان أسرع في تحقيق حلم، منطلقاً من عمر العاشرة محتفظاً بذاكرة الأمكنة التي تحيط به. وقد شرعت مجلة صدى الروضتين بإجراء حوار معه.
من هو سجاد الهلالي؟
أنا سجاد رزاق كرداح الهلالي، عمري 26 عامًا، من سكنة محافظة بابل، أعمل مصورًا فوتوغرافيًا وجويًا، أصبت في السابعة من عمري بالتهاب في الأعصاب وانسداد بالأوعية، وعدم التحسس في الأطراف السفلى، وهذا شيء جعلني من ذوي الاحتياجات الخاصة، أعمل حاليًا مسؤول وحدة ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة في كلية المستقبل منذ عام 2023م، أطمح للاحترافية العربية والعالمية عبر عملي بالتصوير الفوتوغرافي.
كيف ومتى بدأت رحلتك في عالم فن التصوير؟
بدأت في هذا المجال عام 2008م، عندما كنت راقدًا في أحد المستشفيات بدولة الهند وكنت بالعاشرة من عمري؛ لأجري عملية البتر لأحدى أطراف أقدامي، التقيت بشخص كان مرافقًا لأحد المرضى في المستشفى يمتلك الكاميرا العادية التي تعتمد على فيلم للتصوير (شريط قابل للتحميض)، إذ كنت أطلبها منه لالتقط بعض الصور تذكارية، لاحظ جدي (رحمه الله) سعادتي مع الكاميرا، لذا أهدى لي كاميرا، فكانت هي الانطلاقة الأولى لعالم التصوير.
منذ ذلك الوقت بدأت توثيق المناسبات الخاصة بعائلتي وحتى الأيام العادية، وكان شغفي هو أن أعمل على تطوير معلوماتي ومهاراتي في التصوير الفوتوغرافي دخلت مجال التصوير، وتعرفت على الكثير من المصورين، وكان صاحب الفضل عليَّ هو المصور عباس سعيد، جعلني غنيًا بالمعلومات من كل النواحي والاتجاهات في مجال التصوير، وانضممت للجمعية العراقية للتصوير.
أما التصوير الجوي دخلته من خلال مشاركة في دورات وورش عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأنا اليوم أعد من أبز المصورين المعروفين في مدينتي، وتحول التصوير من مجرد هواية إلى عمل تخصصي.
هل شاركت في معارض او مسابقات، وماذا أضافت لك؟، وماهي اهم الجوائز التي حصلت عليها؟
المشاركة في المعارض تعد تجربة جميلة، لأنها فرصة للاطلاع على نتاجات الزملاء في هذا الفن الجميل، شاركت في الكثير من المعارض الفوتوغرافية على الصعيدين المحلي والدولي.
شاركت في أربعة معارض فوتوغرافية شخصية، معرضًا مشتركًا في عدة محافظات عراقية، وكذلك شاركت بخمسة معارض دولية للتصوير الفوتوغرافي في العراق برعاية دولة الإمارات العربية المتحدة، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأخرى.
وشاركت في مسابقة عبر موقع لحظات الإلكتروني بمعرض التصوير الفوتوغرافي عام 2020م، الذي يقيمه فريق ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي، وحصلت على المركز الأولى عام 2020م، في مسابقة فنّ التّصوير الفوتوغرافي، ضمن فعاليات الملتقى التدريبي للإعلام والعلاقات، الذي أقيم في محافظة أربيل.
كما أخترت من قبل الجمعية العراقية للتصوير فرع محافظة بابل، أفضل مصور فوتوغرافي في المحافظة عام 2022م.
وكرمت عام 2022م، عبر مشاركتي في مسابقة فنّ التّصوير الفوتوغرافي، ضمن فعاليات مهرجان عشتار تقرأ، وكما كرمت عام 2023م، من قبل الجمعية العراقية للتصوير، بوسام التميز بفن التصوير الفوتوغرافي.
كذلك كرمت عام 2023م من قبل كلية المستقبل، من خلال المعرض الشخصي الخاص بالتصوير الفوتوغرافي الذي أقيم بمناسبة اليوم العالمي لذوي الإعاقة، و كرمت كذلك عام 2023م من قبل فريق See photography team للتصوير الفوتوغرافي من خلال مشاركتي في المعرض الحسيني ملحمة الخلود، وحصلت على تكريم عام 2023م من قبل الجمعية العراقية للتصوير فرع محافظة بابل من خلال مشاركتي في المعارض الحسينية، وكما حصلت على المركز التاسع في مسابقة فنّ التّصوير الفوتوغرافي الثّانية للهواة عام 2024م، ضمن فعاليات أسبوع الإمامة الدّوليّ الثّاني، التي تقيمها العتبة العباسية المقدسة.
وفزت في الكثير من المسابقات: -
فزت بالمركز الرابع عام 2024م، في جائز مسابقة الحلم الذهبي للموسم الرابع من قبل مسؤول مؤسسة البيت الثقافي للإبداع لهشام الذهبي، وكرمت عام 2022م، من قبل المنظمة الدولية للعمل التطوعي، بشهادة شكر وتقدير، للجهود التي بذلتها في ميدان العمل التطوعي الإنساني كـ"رائد" من رواد العمل التطوعي في محافظة بابل، وكرمت بكتاب شكر وتقدير من قبل كلية المستقبل 2023م؛ لجهودي المبذولة في العمل كوني أعمل مسؤول وحدة ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة في الكلية.
وكما كرمت عام 2023م، من قبل اللجنة البارالمبية فرع بابل، بكتاب الشكر والتقدير للدعم المتواصل للرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة والدور الإعلامي عبر توثيق الإنجازات المحلية والدولية، ولدي الكثير من جوائز الخاصة بالتصوير الفوتوغرافي والأعمال التطوعية والإنسانية.
شاركت من عام 2014م حتى هذا العام 2024م مصوراً في الزيارات المليونية لإحياء المناسبات أهل البيت (عليهم السلام) من ضمنها زيارة الأربعين المباركة التي تشهدها مدينة كربلاء المقدسة، بالإضافة إلى زيارات الأخرى، لنقل وقائع الزيارات.
أنا أول مصور من ذوي الاحتياجات الخاصة أشارك في المركز الإعلامي لزيارة الأربعين المباركة الذي اقامته العتبة العباسية المقدسة.
ماهي التحديات التي واجهتها كمصور من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكيف تجاوزتها؟
من مقومات نجاح أي مبدع هي الإرادة، ومن دونها لايمكن التقدم خطوة الى الامام.
واجهت كثير من التحديات في بداية مشواري في التصوير، وما زلت اواجه تلك التحديات بشكل يومي ومستمر، ومن ضمنها كلام بعض الناس الذين يعرفون ان سجاداً يعمل مصوراً وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالحرف الواحد يقولون" سجاد انت لا تستطيع العمل مصوراً، وأنت جالس على الكراسي المدولب".
وواجهت تحديات كبيرة في بداية دخولي مجال التصوير بشكل ملموس منها صعوبة التنقل من مكان الى آخر، لا سيما الأماكن المزدحمة، لكن تجاوزتها بالثقة والطموح والإصرار، عبرها اثبت للجميع من هو سجاد الهلالي عبر لقطات إبداعية فوتوغرافية او جوي، والذي ساعدني وصاحب الفضل الكبير علي هو الامام الحسين واخوه المولى أبو الفضل العباس (عليهما السلام).
ان الله تعالى يعوض بقدر ما يحرم، ان الله عوضني بحب اهل البيت والاقارب والناس ومازال دعمهم كبيراً لي، والأصدقاء من المصورين عبر مواقفهم الحسنة، هم دائماً معي في كل خطوة، خاصة اثناء ممارستي للتصوير، اذ يوفرون ليكل ما احتاجه من ذاتهم.
هل اثرت اعقتك على رؤيتك الفنية؟ وكيف تعبر عن ذلك من خلال صورك؟
ـ لم تسبب لي إعاقتي أي مصاعب لموهبتي وشغفي بل كانت الدافع الأقوى إذ كنت أعيش صراع من أجل البقاء، لكن بعض الأحيان أواجه مشكلة بسيطة عندما أود التقاط صورة في زاوية تحت مستوى نظر أو سفلية أو غيرها.
منذ امتلاكي للكاميرا إلى الان لا أفوت منظراً يجذبني، لا يمكن أن أحصل عليه مرة أخرى، فأسرع بحمل الكاميرا التقط الصورة التي أودها، كالمناظر الطبيعية، والوجوه، والمباني، ومراقد الأئمة الأطهار (عليهم السلام).
كيف تستخدم أدواتك أو تقنياتك للتغلب على التحديات التي تواجهها في التصوير؟
استخدم مستلزمات ومعدات تصوير مناسبة، منها كاميرا تعمل شاشتها باللمس، بالإضافة الى طائرة مسيرة للتصوير الجوي.
ما نوع المواضيع التي تفضل التقاطها بكامرتك؟
دائمًا أفضل تصوير جانب يحتوي على المشاعر؛ لإيصال رسالة واضحة للناظرين، منها ضحكات أو بكاء، ووجوه كبار السن والأطفال، خاصة في مجلس عزاء أهل البيت (عليهم السلام) داخل المراقد الطاهرة لأهل البيت (عليهم السلام)، وأكثر جانب أرغب في إبرازه عبر التصوير في الزيارات المليونية وخاصةً زيارة الأربعين هم ذوي الإعاقة.
هل هنالك لحظة او صورة معينة تمثل انجازاً خاصاً لك في مسيرتك المهنية؟
أكثر صوره اعتبرها انجازاً لي وتمثلني، واستطعت ان اوصلها للمجتمع، التقطها من خلال احدى المسرحيات التي تخص تعليم ذوي الإعاقة، تتضمن الصورة صعوبة تنقل ذوي الإعاقة من مكان الى آخر؛ بسبب الطرقات غير مناسبة.
كيف كانت تجربتك في تصوير زائري مرقدي الامام الحسين وأخيه ابي الفضل العباس (عليهما السلام)، وما الذي جذبك لتوثيق هذه اللحظات الخاصة؟
على مدار عام كامل وانا انتظر هذه اللحظات لتوثيق الزائرين، خاصةً في زيارة الأربعين المليونية؛ لأنها تجعلني قوياً ومثابراً أكثر مما كنت عليه قبل حلولها، بالإضافة الى ذلك تمثيل لي الحافز المعنوي لمواصلة هذا الفن.
كيف تجد تفاعل الجمهور معك؟ وهل تشعر ان اعمالك تحظى بالتقدير؟
ان تفاعل جمهوري متميز جداً مع اعمالي الفنية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي او المعارض، تحظى اعمالي بالتقدير من خلال مشاركاتي في مسابقات عديدة ومتنوعة.
كيف تحظر نفسك لهذه المناسبة الكبرى؟ هل هنالك استعدادات خاصة قبل بدء التصوير؟
هنالك استعدادات خاصة اتخذها قبل بدء التصوير في الزيارات المليونية ومن ضمنها الأربعين المباركة، اذ تتضمن عدة محاور منها اضمد أطرافي المبتورة بدقة عالية؛ لغرض ممارسة عملي على مدار يومين وأكثر، فضلاً عن سهولة التنقل من مكان إلى اخر وسط الزائرين المعزين.
من جانب اخر تكون هنالك استعدادات أخرى، تتضمن فحص وتحضير معدات التصوير منها جهاز كاميرا والعدسات والبطاريات وبطاقة الذاكرة وغيرها، بالإضافة الى طائرة مسيرة.
كيف تؤثر الروحانية والمكانة المقدسة لمرقد الامام الحسين وأخيه ابي ي الفضل العباس عليهما السلام على رؤيتك الفنية وطريقة تصويرك؟
عندما أدخل إلى الصحن الشريف الحسيني والعباسي أشعر بشعور مختلف تماماً، إن متاعب الحياة قد أزيلت مني، لاسيما نحن نؤمن أن مراقد أهل البيت عليهما السلام جميعها ليست مجرد أماكن للعباد، إنما ملاذ لنا نشعر بالطمأنينة داخلها لا نجدها في أي مكان آخر.
كيف ترى تأثير اعمالك في نقل شعور الزيارة الى المؤمنين الذين لم يتمكنوا من المشاركة؟
توثيق اعمالي في الزيارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي يرجع صداها بشكل هائل لتأثيرها على الجمهور من ضمنهم ذوو الإعاقة الذين لم يستطيعوا إحياء الزيارة عند المرقدين الطاهرين، اذ يؤكدون عبر الاتصال او ارسال الرسائل شعورهم بالحضور والمشاركة في هذه المناسبة.
كيف يكون تفاعل الزائرين معك اثناء التصوير، هل لاحظت دعمًا او تجاوبًا خاصاً من قبل الزائرين؟
اثناء توثيقي للزيارة اتلقى دعماً وتفاعلاً كبيرا من قبل الزائرين مع التصوير الفوتوغرافي، أتمنى من جميع الناس ان يقدوا الحافز المعنوي للمصورين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعد زيارة الأربعين المباركة مهمة جداً، ويجب استثمارها خير استثمار، لأنها فرصة كبيرة تجمع ملايين الزائرين الكرام الذين يتوافدون من اغلب بلدان العالم.
ما هي نصيحتك للمصورين الاخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يتطلعون لدخول عالم التصوير؟
يجب ان تتمتعوا بالثقة في النفس ومواجهة المصاعب؛ لأنكم من ذوي القدرات الخاصة وليس من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعززا قدراتكم بمعلومات فن التصوير، للاشتراك في المناسبات المحلية والدولية، وتنامي الحلم ليكون الرقم الصعب في المسابقات للتصوير.
ماهي الرسالة التي تحاول ايصالها من خلال اعمالك الفنية؟
نحن لسنا ذوي الاحتياجات الخاصة وانما من ذوي الاختصاصات الخاصة، الإنسان بشكل عام لم يعقه الكرسي المدولب لأنه ليس نهاية الحياة إنما بدايتها، أتمنى من جميع زملائي من ذوي الهمم إن يسقون مواهبهم بالمهارات المختلفة، ومن ليس له موهبة أن يثق بقدراته ويبحث عن إمكانياته الحقيقية لأجل أن يتمكن من الحصول على موهبة من مختلف أنواع الفنون المختلفة، وأتمنى من المجتمع أن يقدموا لنا الدعم المعنوي.
كلمة أخيرة
في الختام أقول: عن أمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) قال:" من لم يشمر المخلوق لم يشكر الخالق"، لذلك أتوجه بالشكر الجزيل والثناء الجميل
للقائمين على الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة، واشكركم لهذه الحوارية الجميلة في التعبير جميع ملاك قسم الإعلام متمثلاً بصدى الروضتين.