الشيعة عارفون بالله عاملون في الله
30-12-2018
صالح الطائي
الشيعة عارفون بالله عاملون في الله
شروط التشيع
التشيع ليس مجرد مذهب مثل المذاهب، ولا مجرد جماعة اجتمعوا على عقيدة أعجبتهم او اقتنعوا بها، لا.. التشيع منهج وحياة وعقيدة وسلوك وقيم ومثل وأخلاق... مواصفات خاصة ودقيقة الاختيار، من توفرت فيه أصبح شيعياً، أما غير ذلك، أو من لم تتوفر به كلا أو بعضا؛ فهو ليس شيعياً، حتى وإن ادعى التشيع..! من حاز بعضها وخسر البعض الآخر فنسبة تشيعه تقارن بنسبة ما حاز، كلما حاز منها الشيء الكثير كان أقرب إلى الحقيقة، وكلما قلت نسبتها عنده ابتعد عن منابع التشيع، فهو ليس شيعياً حقيقياً حتى وإن حسب على الشيعة.
للتشيع شروط، وللشيعي علامات، وسنتحدث في هذا القسم عن شروط التشيع وعددها ثمانية وعشرون شرطاً، ونؤجل الحديث عن علامات الشيعي إلى موضوع قادم.
جاءت الشروط في خطبة للإمام علي عليه السلام ، وردت في نهج البلاغة، ورواها كذلك سليم بن قيس الهلالي، وأبو جعفر الكليني في أصول الكافي، وابن شعبة الحراني في تحف العقول، والكراجكي في كنز الفوائد، وسبط ابن الجوزي في التذكرة، وغيرهم. قيل له عليه السلام : جاءك بعض شيعتك. فقال: "انما شيعتي هم: العَارِفُونَ بِاللَّهِ، العَامِلُونَ بِأَمرِ اللَّهِ، أَهلُ الفَضَائِلِ وَالفَوَاضِلِ، مَنطِقُهُمُ الصوَابُ، وَمَلبَسُهُمُ الاقتِصَادُ، وَمَشيُهُمُ التوَاضُعُ، وَبَخَعُوا لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ (أي: أقرّوا وأذعنوا بطاعته)، وَخَضَعُوا لَهُ بِعِبَادَتِهِ، فَمَضَوا غَاضِّينَ أَبصَارَهُم عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِم، وَاقِفِينَ أَسمَاعَهُم عَلَى العِلمِ بِدِينِهِم، نَزَلَت أَنفُسُهُم مِنهُم فِي البَلاءِ، كَالذِينَ نَزَلَت مِنهُم فِي الرخَاءِ رِضًى عَنِ اللَّهِ بِالقَضَاءِ، فَلَولا الآجَالُ التِي كَتَبَ اللَّهُ لَهُم لَم تَستَقِرَّ أَروَاحُهُم فِي أَجسَادِهِم طَرفَةَ عَينٍ شَوقاً إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ وَالثوَابِ وخَوفاً مِنَ أليم العِقَابِ، عَظُمَ الخَالِقُ فِي أَنفُسِهِم وَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعيُنِهِم، فَهُم وَالجَنةُ كَمَن رَآهَا فَهُم عَلَى أَرَائِكِهَا مُتكِئُونَ، وَهُم وَالنارُ كَمَن دَخَلَهَا فَهُم فِيهَا يُعَذبُونَ، قُلُوبُهُم مَحزُونَةٌ، وَشُرُورُهُم مَأمُونَةٌ، وَأَجسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ، وَحَوَائِجُهُم خَفِيفَةٌ، وَأَنفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ، وَمَعرِفَتُهُم فِي الإسلامِ عَظِيمَةٌ، صَبَرُوا أَياماً قَلِيلَةً فَأَعقَبَتهُم رَاحَةً طَوِيلَةً وَتِجَارَةٌ مُربِحَةٌ يَسَّرَهَا لَهُم رَبٌّ كَرِيمٌ، أُنَاسٌ أَكيَاسٌ (أي: عقلاء وذوي فطنة)، أَرَادَتهُمُ الدنيَا فَلَم يُرِيدُوهَا، وَطَلَبَتْهُمْ فَأَعجَزُوهَا، أَمَّا اللّيلُ: فَصَافُّونَ أَقدَامَهُم، تَالُونَ لأَجزَاءِ القُرآنِ، يُرَتِّلُونَهُ تَرتِيلا، يَعِظُونَ أَنفُسَهُمْ بِأَمْثَالِهِ، وَيَستَشْفُونَ لِدَائِهِم بِدَوَائِهِ تَارَةً، وَتَارَةً يَفتَرِشُونَ جِبَاهَهُم وَأَكَفَّهُم وَرُكَبَهُمْ وَأَطرَافَ أَقدَامِهِم، تَجْرِي دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ، وَيُمَجِّدُونَ جَبَّاراً عَظِيماً، وَيَجْأَرُونَ إِلَيْهِ جَلَّ جَلالُهُ فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ. هَذَا لَيْلُهُمْ، فَأَمَّا نَهَارُهُمْ: فَحُلَمَاءُ، عُلَمَاءُ، بَرَرَةٌ، أَتْقِيَاءُ. بَرَاهُمْ خَوْفُ بَارِئِهِمْ، فَهُمْ أَمْثَالُ الْقِدَاحِ، يَحْسَبُهُمُ الناظِرُ إِلَيهِم مَرضَى - وَمَا بِالقَومِ مِن مَرَضٍ - أَو خُولِطُوا، وَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ مِنْ عَظَمَةِ رَبِّهِمْ وَشِدَّةِ سُلْطَانِهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ، طَاشَتْ لَهُ قُلُوبُهُمْ، وَذَهَلَتْ مِنْهُ عُقُولُهُمْ، فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ بَادَرُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ، لا يَرْضَوْنَ بِالْقَلِيلِ، وَلا يَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْجَزِيلَ. فَهُمْ لأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ، وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ، إِنْ ذُكِرَ أَحَدُهُمْ خَافَ مِمَّا يَقُولُونَ، وَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي، وَرَبِّي أَعْلَمُ بِي. اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ، وَاجْعَلْنِي خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ، فَإِنَّكَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ وَسَاتِرُ الْعُيُوبِ".