يعد مركز تصوير المخطوطات وفهرستها من المراكز المهمة التابعة لدار المخطوطات في العتبة العباسية المقدسة, حيث أخذ على عاتقه عملية إحياء التراث الإسلامي, لاسيما تراث أهل البيت عليهم السلام، عن طريق تصوير المخطوطات وفهرستها وأرشفتها وتهيئتها للمحققين والباحثين... فالمخطوط يعد من أهم شواهد الحضارة الإسلامية، إذ كان وما يزال يمثل كنزاً للمعلومات والمعارف الإنسانية التي سطرها علماؤنا.
إن عملية تصوير المخطوطات تمثل إعادة لتاريخ الحضارة الإسلامية, وقد بادر المركز بتصوير آلاف المخطوطات المهمة الكامنة في عشرات المكتبات المنتشرة في أنحاء شتى من القطر, وهناك خطة وضعت من أجل عمل بنك خاص بمصورات المخطوطات عن طريق فريق عمل متخصص، يعمل جاهداً ومن دون كسل ولا ملل لإحياء تراث علمائنا الأجلاء.

ولمعرفة تفاصيل أكثر عن مركز تصوير المخطوطات، كان لصدى الروضتين لقاء مع الأستاذ (صلاح مهدي عبد الوهاب) مسؤول مركز تصوير المخطوطات وفهرستها فتحدّث قائلاً:
فُعِّلت دار المخطوطات في العتبة العباسية المقدسة قبل حوالي سنة، وهي جزء من مكتبة العتبة المقدسة، وتشمل ثلاثة مراكز, هي: مركز إحياء التراث, مركز الترميم وصيانة المخطوطات, ومركز تصوير المخطوطات وفهرستها. ومن أعمال هذا المركز هو تصوير المخطوطات ويشتمل على تصوير المخطوطات داخل العتبة العباسية المقدسة وخارجها سواء في مدينة كربلاء المقدسة أو في سائر المحافظات, والأقسام الأُخَر هي: (الفهرسة والتصنيف, والأرشفة, والإصدارات, والانترنت, والتوثيق), وفيما يلي عمل كل قسم منها:
تصوير المخطوطات:
التصوير الداخلي: يقوم بتصوير مخطوطات خزانة العتبة المقدسة، والبالغ عددها تقريبا (4000) مخطوط من خلال أجهزة المسح الضوئي المتخصصة, ولتحقيق السرعة في إنجاز العمل, والحفاظ على هيئة المخطوط من التلف, وإخراجه بأدق صورة، بادرت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة إلى شراء جهاز ذي قدرة عالية على تصوير المخطوطات، ويعد من أحدث الأجهزة من حيث البرامج وطرائق التصوير في العالم.
التصوير الخارجي: يقوم فريق عمل متخصص، ذو خبرة عالية في التصوير الفني باستخدام كاميرات ذات جودات عالية، بزيارة المكتبات في مختلف أنحاء البلاد, والعمل على توطيد العلاقات معها، وزيادة أواصر التعاون والتبادل الثقافي بينهما, وتصوير مخطوطاتها وتحويلها إلى صورة رقمية ذات كفاءة عالية، وإهداء نسخ رقمية منها إلى متوليها.
الفهرسة:
يعمل هذا الجزء على إطلاع الباحثين والمحققين والمهتمين بالتراث على أماكن وجود المخطوطات، وبيان المعلومات العامة المتعلقة بها؛ وذلك عن طريق فهرستها، ليصبح الباحث والمحقق على علم بهذه المخطوطات من حيث أسمائها وأسماء مؤلفيها وموضوعاتها وتواريخ نسخها وأماكن النسخ وغير ذلك من الفوائد الغائبة عن كثير منهم... فضلاً عن أن هذه الفهارس تكشف بل تحيي الخزانات والمكتبات الخاصة الحاوية لها والمحتفظة بها؛ لأن هناك الكثير من المكتبات قد عرفت واشتهرت بين المهتمين من خلال فهارس مخطوطاتها، مع العلم أن هناك العديد من المكتبات العامة أيضا التي تمتلك عدداً لا بأس به من النسخ الخطية، لكنها والى الآن لم تفهرس, ففهرسة المخطوطات من قبل المختصين خدمة يقدمها المركز لهذه المكتبات والخزانات رغبة منه لإحياء التراث المخطوط.
الأرشفة:
يتم خزن مصورات المخطوطات وأرشفتها على مرحلتين: المرحلة الأولى: خزن وأرشفة رقمية على أقراص صلبة وليزرية, وإدخالها ضمن برامج البحث، وعمل نسخ احتياطية للمصورات وحفظها في عدة أماكن.
المرحلة الثانية: خزن وأرشفة ورقية وتكون على شكل كتب تستلم من وحدة التصحيف, ويمكن للباحث والمحقق الرجوع إليها في مكتبة المصورات عند الحاجة إليها.
الإصدارات:
يأخذ هذا القسم على عاتقه إصدار الفهـــــــارس الخـــــــاصة بالمخطوطـــــات والمصورات, والإعداد لنشرات ومجلات تهتم بالمخطوطات وفهرستها، وكل ما يفيد الباحث والمحقق في هذا المجال. كما يقدم هذا القسم في إطار مشروع النشر الخارجي خدمة النشر وطباعة كل ما يتعلق بمخطوطات المكتبات والمراكز والمؤسسات من فهارس وأدلة, حيث يتم التنسيق مع الإخوة المفهرسين ممن لديهم مشاريع خاصة بفهرسة المخطوطات, والاتفاق معهم على طباعتها ونشرها بعد الإطلاع عليها من قبل اللجنة العلمية المهيأة لهذا الغرض في المركز.
البرمجيات والإنترنت:
يعمل كادر متخصص على تصميم برامج العروض التقديمية التي تسمح بعملية التصفح والتكبير والتصغير والطباعة, كذلك إنشاء قواعد بيانات لتسهيل عملية البحث على الباحثين والمحققين. أما خدمة إرسال المخطوطات عبر الشبكة العنكبوتية فقد تم استحداث موقع للمركز ضمن شبكة الكفيل العالمية، والذي يتيح للباحث الحصول على صورة المخطوط عن طريق موقع المركز المصمم لهذا الغرض, حيث توجد فهرسة لبنك مصورات المركز، وكذلك توجد فهرسة لمخطوطات العتبة العباسية المقدسة، وهناك استمارة خاصة لطلب المخطوط في الموقع تملأ من قبل المستفيد.
الوثائق:
تعد الوثائق جانباً مهما من جوانب نشاطات المركز, إذ يضم هذا الجانب من المركز الوثائق الخاصة بمكتبة العتبة العباسية المقدسة, وهي وثائق مهمة, ويضم أيضا وثائق مصورة ومخزونة إلكترونيا في أقراص صلبة وليزرية. وقد تم البحث عنها والحصول عليها من مكتبات عامة مختلفة، ومكتبات خاصة تمتلكها أسرة علمية فاضلة بالوراثة أو بالشراء. وقد عد قسم منها نوادر الوثائق والمستندات عند الباحثين والمحققين, ومن هنا اهتم المركز بالوثائق على اختلاف أنواعها وأهميتها, وأخذ بتصنيفها وفهرستها وحفظها خدمة للعلم والعلماء.
وكل هذه الأجهزة الحديثة والخدمات والجهود المبذولة من العاملين في هذا المركز هي لخدمة الباحثين والمحققين، وكذلك لخدمة المجتمع والرقي به نحو مستقبل واعد، والحفاظ على تراث علمائنا الذين كرسوا حياتهم في بذل النفيس؛ لإيصال ما تركه الأولون خدمة وعرفانا.