مناسبات

30-12-2018
زين العابدين السعيدي
التضحية بالنفس أمر عظيم لا يستطيع الإقدام عليه إلا من يمتلك الشجاعة وقوة الإيمان, وقد كرم الله تعالى المضحين بأنفسهم تكريماً لا مثيل له، حيث رزقهم الخلود في الدنيا, والجنة والنعيم والمقامات الرفيعة في الآخرة. ومنزلة الشهادة هي منزلة عظيمة لا ينالها إلا ذو حظ عظيم, وهي كرامة من الله للمؤمنين، وابتلاء للمنافقين، وخير دليل على ذلك قول سيد الشهداء عليه السلام: (القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة)، ويبدو أن هذه الكرامة انتقلت من أهل بيت النبوة عليهم السلام إلى محبيهم وإتباعهم المخلصين, ولا يخفى على أحد أن شيعة أهل البيت عليهم السلام يقدمون القربان تلو القربان من العهد الأموي والى يومنا هذا، فقد حباهم الله تعالى بهذه النعمة العظيمة، وخصهم بهذه الكرامة, ويقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : (فوق كل ذي بر بر حتى يقتل في سبيل الله, فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر), فالشهيد يحصل على أعلى درجات البر، كما جاء في قول نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم , وأن الإسلام أعطى أهمية كبرى للشهداء، وحث النبي كثيرا على احترام الشهيد وتعظيم شأنه.
لذلك سعت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة إلى إقامة مراسيم تشييع خاصة للشهداء داخل العتبة العباسية المقدسة، وتتضمن هذه المراسيم عدداً من الفعاليات الولائية...
ولمعرفة تفاصيل أكثر عن هذا الموضوع، كان لصدى الروضتين لقاء مع مسؤول شعبة العلاقات الجامعية الأستاذ (أزهر علي عبد الحسين), فتحدث قائلاً:
بتوجيه من الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة، وبمباركة سماحة الأمين العام (دام عزه)، تم تشكيل لجنة تتكون من عدد من منتسبي بعض أقسام العتبة العباسية المقدسة مثل: حفظ النظام، ورعاية الحرم، والسادة الخدم, لتكون هذه اللجنة مسؤولة عن تشييع الشهداء داخل العتبة العباسية المقدسة بمراسيم خاصة مثل: رفع الأعلام العراقية وأعلام العتبات المقدسة، وترديد بعض الأهازيج والأناشيد الولائية احتفاء بهذا الشهيد، وتكريما له، وإعطاءه أهمية وخصوصية واهتماما كبيرا؛ لأنه يستحق ذلك, فمهما قدمنا للشهيد لا نوفي حقه؛ لأن الجود بالنفس أقصى غاية الجود كما يقول أحد الشعراء...
ومراسيم التشييع هذه - والتي تخص الشهداء فقط - هي بمثابة رسالة شفوية إلى المجتمع بصورة عامة، مفادها أن العتبات المقدسة في مدينة كربلاء والمرجعية الدينية العليا تثمن الدم العراقي وتقف له إجلالا، وهذا يشكل حافزا لدى المتطوعين من أجل الدفاع عن العراق الحبيب وأرضه ومقدساته، ويدفعهم إلى الاستبسال في القتال هذا من جانب.
ومن جانب آخر، فأن هذه المراسيم تدخل الفرح والسرور والبهجة على ذوي الشهيد؛ لأنهم حينما يرون أن جثمان ابنهم لاقى كل هذه الحفاوة والترحاب والاهتمام، فأنهم يشعرون بأهمية ما قدمه وما أعطاه، ويشعرون بالمكانة التي وصل إليها فقيدهم من خلال تضحيته بأعز ما يملك, وهذا الشعور يقلل كثيرا من حالة الحزن التي تنتابهم، ومن الصدمة التي يعيشونها؛ بسبب فقدان أحد أفراد عائلتهم، وهذا كله يصب في مصلحة فتوى (الوجوب الكفائي) التي أطلقها سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف).
وهنالك نية لتشكيل لجنة مشتركة بين العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، وتكون هذه اللجنة على اتصال مع أصحاب المغتسلات المتواجدة في مداخل مدينة كربلاء المقدسة؛ لكي يكون التشييع من المغتسل إلى العتبة الحسينية المقدسة، ثم إلى العتبة العباسية المقدسة، ولا يكون داخل صحن المولى أبي الفضل العباس عليه السلام فقط,.
ولدينا مشروع مستقبلي كبير يخص الشهداء، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى انجازه بأسرع وقت، وهو بناء مقبرة خاصة بالشهداء، تكون لها بوابة كبيرة ومساحات خضراء في داخلها مليئة بالزرع والأزهار، وممكن أن يكون فيها بئر في داخلها وسقاء؛ لنبين للعالم أثر الشهيد وأهميته وخلوده، ونوضح أن سر الحياة هو بتضحية الشهداء.
وإضافة إلى كل هذا، فأن هناك وفداً يخرج من الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة ويذهب إلى مجالس العزاء التي يقيمها ذوي الشهداء على أرواح أبنائهم, وهذا كله من أجل رد جزء من الجميل الذي قدمه الشهيد لبلده وأهل بلده, وهنالك أيضا زيارات ميدانية للجرحى خلال رقودهم في المستشفيات من اجل الاطمئنان على صحتهم.
وأنا أدعو جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية إلى التركيز الكبير على مسألة الشهداء وإعطائهم حقهم؛ لأن الحرب الإعلامية لا تقل شأناً عن حرب الجبهات والسلاح، لذلك يجب على الإعلام أن يأخذ دوره بشكل كامل وبصورة صحيحة، ويرتقي إلى مستوى الأزمة التي تواجه البلاد.
وأنا أثمن الدور الكبير الذي تؤديه جريدة صدى الروضتين من خلال مواكبتها لجميع النشاطات التي تقوم بها أقسام العتبة العباسية المقدسة، وخصوصا في هذه المرحلة الحرجة، حيث قامت بتسليط الضوء على أوضاع العوائل المهجرة وما قدمته العتبات المقدسة في كربلاء إلى هذه العوائل.
وكذلك دعت صدى الروضتين من خلال المقالات والمواضيع التي نشرت فيها إلى رص الصفوف، وتوحيد الكلمة، والابتعاد عن الطائفية، وتفويت الفرصة على أعداء العراق.