راية أبي الفضل العباس عليه السلام ترتفع عالياً في موكبها على طريق النجف الأشرف
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
ضمن المراسيم السنوية التي تقيمها الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة
راية أبي الفضل العباس عليه السلام
ترتفع عالياً في موكبها على طريق النجف الأشرف
احمد صالح
لاتزال رايـة الحسين عليه السلام تخفق في قلوب العاشقين، رافضة للطغيان، لتشعل الثورة بيد القائد الصنديد الذي هز الكون ببطولاته المشهودة، كيف لا ووالده علي بن أبي طالب عليه السلام فارس الهيجاء، إنه أبو الفضل العباس عليه السلام الذي حمل اللواء بشماله وفي يمينه بتّار قاطع قصف رقاب الأعداء. وقد سجل التاريخ في ثناياه نماذج من قصص البطولة النادرة لأولئك الأبطال الذين حملوا رايات انتماءاتهم، محافظين عليها بالرغم من كل الأخطار التي تحدق بهم، يدافعون عنها بكل ضراوة، ويبذلون دونها الأرواح، فتتهاوى جثثهم تحت أسنة الرماح والمرهفات البواتر؛ لتظل الراية خفاقة، ويبقى اللواء مرفوعاً.
لذلك كانت أنظار المقاتلين إلى صاحب الراية؛ لأن سقوطه يعني سقوطها، فإذا وقع أصابهم الذعر، وتملكهم الفزع والخوف، وغشيتهم رهبة الهزيمة. ولقد كانت للعرب قبل الإسلام رايات مختلفة، ترفع وقت الحرب؛ لينضم المقاتلون تحتها ويتجمعون حولها، فهي شارة القيادة ورمز الجيش.
وعُرف أيضاً بأن اللواء لا يُعطى إلا لمن هو معروف بالشجاعة والشهامة والنبل والشرف؛ لأن حامله هو من يكون كل أفراد الجيش تحت لوائه، فلابد أن يكون ممن ينال مرضاة الجميع وقبولهم، من حيث الشرف والشجاعة حتى ينتظموا في سلكه، وينضووا تحت لوائه.
لذلك، فإن انتخاب حملة الألوية يكون من وسط الشجعان والأعيان ومن ذوي الشرف، ومن المعروفين بالنبل والكرم والسخاء والتقوى، فكان كل ذلك يدفع بحامله الى الاستماتة في الدفاع والحفاظ على لوائه مرفرفاً شامخاً بالأعالي فوق هامات الجيش، ولهذا السبب فأن أصحاب الألوية في الاسلام يقدمون أرواحهم وأجسادهم من أجل بقاء راية الجيش خفاقة.
ولقد جاء في تعليمات الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في ما يخص آداب الحرب، بأن لا تجعلوا رايات الحرب إلا بأيدي شجعانكم الصابرين على نزول الحق، فإنهم يحفظونها دون أن تمس، بل تبقى خفاقة في أرض المعركة، فما كان للإمام الحسين عليه السلام أن يخرج عن تعاليم أبيه أمير المؤمنين عليه السلام ، لذلك اختار أبا الفضل العباس عليه السلام ليكون حامل لوائه في واقعة الطف الخالدة، فكان كفئاً لهذه المهمة، وأعطى أروع الدروس في الوفاء للإنسانية جمعاء.. من ذلك تتعلم الأجيال أن تتخذ من راية أبي الفضل العباس عليه السلام درساً في الوفاء والصبر والمحافظة على الواجب المقدس.
العتبة العباسية المقدسة ومن أجل ترسيخ هذه المبادئ السامية، ونقلها الى الاجيال، تقوم بمراسيم خاصة تسبق زيارة اربعينية الامام الحسين عليه السلام وهي ترفع أكبر راية تعلو فوق المضيف الخارجي على طريق (كربلاء – النجف) لتكون إشارة للزائرين القاصدين الى مدينة كربلاء المقدسة واستقباله.
استُهِلّت هذه المراسيم بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثمّ كلمة للأمانة العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة ألقاها بالنيابة فضيلة الشيخ صلاح الكربلائيّ رئيسُ قسم الشؤون الدينيّة فيها، وقد بيّن فيها قائلاً:
ما زالت الأمم تفتخر بتاريخها، وتفتّش عن كلّ مواطن الرقيّ والعظمة واللمحات المهمّة فيه، وتحاول أن تمجّدها بشتّى أنواع الوسائل والطرق، ولكن من الأمم القليلة التي تستحضر التاريخ وتمثّله في الواقع الحاضر، وتستمدّ منه كلّ أدوات العنفوان والحياة، وهذا ما جسّده محبّو وأتباع أهل البيت عليهم السلام فقد استحضروا التاريخ وحوّلوا تلك السطور وذلك السِّفر الى واقع يتحدّى الطواغيت وكلّ من يُحاول أن يشوّه صورة الإسلام.
وأضاف: وتأتي تلك الملحمة العظيمة ملحمة الطفّ لتمثّل أكبر وأوضح عنوان، العنوان الذي ميّز الحقّ من الباطل، والذي بعث فيها الإسلام من جديد بعد أن حاول الطغاة أن يطمسوه.
وفي هذا المجال استحضر مضمون ما قالته السيدة زينب عليها السلام مخاطبةً ابن أخيها السجاد عليه السلام : (لا يجزعنّك ما ترى فو الله إنّ ذلك لعهدٌ من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إلى جدّك وأبيك وعمك عليهم السلام ، أخذ الله ميثاق أناسٍ من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض، وهم معروفون في أهل السموات أنّهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرّقة فيوارونها وينصبون لهذا الطفّ علماً لقبر أبيك سيد الشهداء عليه السلام لا يدرس أثرُه، ولا يعفى رسمه على مرور الليالي والأيّام, وليجتهدنّ أئمّة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد إلّا ظهوراً وأمره إلّا علوّاً).
بعدها استمع الحضورُ لمرثيّة حسينية للرادود حميد الطوريجاوي، لتتوجّه قلوب الحاضرين قبل أقدامهم من أجل رفع راية الجود المصنوعة من أفخر أنواع الأقمشة والتي يبلغ طولها (17م) وعرضها (13م) لتشكّل مساحة مقدارها (221متراً مربعاً) وقد خُطّ عليها من الوجهين عبارة: (السلام عليك يا حامل لواء الحسين عليه السلام إذ رُفعت على سارية طولها (40م).