الدفاع عن المقاومة العراقية دفاع عن العراق وشعبه

30-12-2018
د. منهال جاسم السريح
الدفاع عن المقاومة العراقية
دفاع عن العراق وشعبه


منذ اليوم الأول لإطلاق المرجعية الرشيدة لفتوى الوجوب الكفائي ضد فتوى الظلام الداعشية، تداعى أبناء العراق الغيارى من كل محافظات القطر، وبكل فئاتهم وأطيافهم وقومياتهم؛ لتلبية هذا النداء، وللتصدي ومقاتلة الزمر الإرهابية في مدن العراق المختلفة.
وقد اقترن ذلك بالانقضاض الشجاع للمتطوعين المقاتلين الأبطال جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة على المجاميع الإرهابية المتواجدة على أرض العراق، وبهذا فأنها دشنت أسس تجربة رائدة تجسد النموذج المطلوب للقاعدة الثورية المحررة.
إن ظروف صراع الحرب المفروضة على العراق من قبل الدواعش والدوائر التي تحتضنها، عكست حقيقة أن الحرب هي حرب الشعب العراقي كله مع قوى الظلام ومع الأطماع التوسعية التي يراد من خلالها بسط الهيمنة الداعشية، ومس الكرامة الوطنية.
لذا، فأن متطوعي الحشد الشعبي حالة مكللة بالوعي الوجداني الخالص الذي تحلى به العراقيون، إذ انتفض المتطوعون من أهل الجنوب والوسط – قبل الآخرين – لنجدة إخوانهم في المحافظات المنكوبة بغزو الدواعش الإجراميين، والمدعوم من قوى الشر والظلام والإقليمية والعالمية التي تبغي تدمير العراق والمنطقة ككل، وبسط الهيمنة؛ تحقيقاً لأحلامهم وتطلعاتهم القذرة ضد شعوب المنطقة الآمنة.
لقد كانت دعوة المرجعية الحكيمة للتطوع واضحة للجميع، إذ أن الفتوى موجهة إلى الشعب العراقي بكل فئاته وأطيافه وقومياته، ولا تخص طائفة دون أخرى، ولا تميل إلى جهة دون سواها، وهذه الفتوى جمعت شمل الشعب العراقي تحت راية مقارعة الإرهاب التكفيري المتمثل بتنظيم داعش ومن يساندهم.
وقد كان هذا الوضوح في دعوة المرجعية الحكيمة الدليل الواضح للرد على أقوال عملاء الإرهاب وأذنابه الذين أرادوا تفسير دعوة التطوع تفسيراً طائفياً، يراد منه الإساءة إلى سمعة أبطال المقاومة الوطنية الذين نذروا أنفسهم من أجل العراق ورفع رايته السامية.
إن حالة الانتصار الحقيقي التي يعيشها الشعب العراقي منذ اليوم الأول لتصديه للعدوان الغادر من قبل الجماعات الإرهابية على مدن العراق وأهلها باتت واضحة ومعلومة، وبلغت من العمق والاتساع والجد أصبحت فيه تتخذ أبعاداً ومستويات متعددة ومختلفة.
كما أن وجود المتطوعين من أبناء الوطن في ميادين القتال حالة وطنية بامتياز، ودليل على وطنيتهم وشجاعتهم وغيرتهم وشرفهم.. فاليوم نشاهد أبناء العراق الغيارى من مختلف المناطق يقاتلون ويضحون بأرواحهم دفاعاً عن إخوانهم في المناطق التي اغتصبها الدواعش؛ لأنهم لا يريدون أن تنتهك حرمة وسيادة أرضهم ومقدساتهم وأهلهم وإخوتهم في عراق التآخي والمحبة.
وبفضل هذا التلاحم الوطني البطولي، وبتسديد من الله العلي القدير، كتب النصر لهؤلاء المجاهدين، وتحققت آمالهم، وتحررت الكثير من المدن والقصبات والقرى وهزمت داعش.
وإزاء هذا الوضع، بدأت الجهات المعادية بحملات إعلامية مضادة، وبدأت معها تصريحات خطيرة (لداعش السياسي) العراقي؛ للتقليل من أهمية هذه الانتصارات في محاولة منهم لتشويه الصورة المشرقة لهذا الجمع الوطني المحمدي، فوصفوهم بالمليشيات والسراق وقطاع الطرق والقتلة وغيرها من المسميات.. تلتها صفحات من التآمر الخياني لمصادرة الانتصارات، والالتفاف على هؤلاء المجاهدين الرساليين.
إن القوى السياسية الدينية والاجتماعية مدعوة لأن يكون لها موقف واضح وصريح من الصراع الدائر مع عصابات داعش الإرهابية، موقف ينبع من القناعة التامة بأن هذا الصراع صراع وطني وأخلاقي وإنساني وليس صراعاً طائفياً، من أجل درء المخاطر التي تهدد بلدنا العراق، والاستعداد الواعي لتفويت الفرصة على الأعداء في تخفيف مخططاتهم الشريرة.
ولابد من تجسيد هذا الموقف من خلال الدعم الفعلي بكل الامكانات المتاحة، وعدم الاكتفاء بالتصريحات والمواقف الإعلامية البحتة، بل يصبح لزاماً على الجميع الدفاع عنهم ومساعدتهم بكل ما يمكن معنوياً ومادياً، ويستحقون الإكرام اللائق؛ لأنهم سطروا تأريخاً يطرز بأحرف من نور على جباههم.
إن الدفاع عن أبطال المقاومة العراقية ليس ردحاً إعلامياً، والغيرة عليهم ليست تهمة، والانتصار لهم ليست عمالة أو خيانة، إنما ذلك حالة صحية ذات أبعاد إنسانية، وجذور وطنية في موقع راسخ من الانتماء الوطني، وعكس ذلك هو الصحيح.