الاستشهاد وقوفاً

30-12-2018
فؤاد القزويني
عندما ترك البعض أسلحتهم في إحدى المعارك، وانسحبوا بملابسهم المدنية، فكانت النتيجة مذلة، وضع رجال داعش اقدامهم على وجوه المنسحبين، وبدأت عملية قتلهم انبطاحا.
هذا الدرس يقول: عندما تترك سلاحك، وتؤمن جانب عدوك، ستموت بذلة ومهانة.
علمتنا تواريخ الحروب أن أول القتلى هو من يهرب، وثاني القتلى هو من يتزلزل ويخاف ويرتبك. الخيانة تلعب دورا في الهزيمة، وما حدث في الموصل وصلاح الدين واضح ولايحتاج الى تفسير، فكلما كثر عدد الخونة في مدينة ما، فأن تسليمها للعدو اسهل واسرع. وكلما اختفى الخونة، وزاد عدد الشجعان والفرسان، اصبحت المدينة عصية على العدو. اما التخلص من الخونة والجبناء الذين يتضح خوفهم اثناء القتال، فهو امر ضروري ومهم لبلوغ النصر.
مدينة (آمرلي) خير مثال على الشجاعة والثبات، يبلغ عدد سكانها (12) الف نسمة، وعدد القادرين على حمل السلاح وتقديم الدعم لا يزيد عن (1200) مقاتل. هذه المدينة صمدت (70) يوما حتى جاءها الفرج، ولم يستطع تنظيم داعش الارهابي اقتحام المدينة او انتهاك أعراضها، ويحق لها وللعراق كله ان يفخر برجالها وابطالها ونسائها.
هذا الدرس يقول: حتى يكون النصر حليفك، قاتل عدوك بلا هوادة.
وهناك مدينة يبلغ عدد سكانها عدة ملايين نسمة، هذه المدينة لم تقاتل، وتحدت القانون والدولة واتهمتها بالطائفية، ثم سلم ابناؤها من الضباط والجنود مدينتهم، واعتقدوا ان انتماءهم لمذهب ما سيحميهم. خلعوا ملابسهم، وتركوا اسلحتهم، وارتموا بذل تحت اقدام الدواعش، مقدمين أنفسهم ومعلنين التوبة، اعتقادا منهم انهم اصبحوا آمنين.
تركوا العراق وارتموا في حضن الدولة (اللا إسلامية)، وبعد شهر بدأت عملية تصفيتهم والاعتداء على نسائهم... تنظيم داعش بدأ الان يقتل شباب المدينة، ويدمر معالمها، ويستبيح بناتها، ويبيعهن في اسواق النخاسة الافغانية والتركية والعربية.
هذا الدرس يقول: الخيانة انبطاحا، انتهت بالموت ذلاً.
داعش يهاجم في تكتيكه النواحي الصغيرة؛ ليحقق الاهداف الكبيرة، داعش عندما يقتل الأسرى، فأن جرذانه لا ينظرون في عين الضحية، لاحظوا جميع الأفلام وستجدونهم يتجنبون أعين القتلى، ولاينظرون فيها.
مساعدو داعش هم بيننا، يعملون بلا اجر، وينشرون له الاخبار، يعملون له الدعاية بلا دراية، يحكون الحكايا وينشرون افلام داعش، انهم خونة من نوع آخر، ولكنهم للاسف بوجه عراقي.
الشجاعة والعض على النواجذ عند القتال، تنتهي بالنصر او (الشهادة وقوفا). نحن نتغنى بسيد الشهداء الحسين بن أمير المؤمنين عليهما السلام، ونتغنى بالعباس عليه السلام الفارس المغوار، فليكن اليوم قتالنا مثلهم، وموتنا وقوفاً، وسنجد ان الحياة حينئذ ستكتب لنا نصراً أو خلوداً، وتبقى مدننا منيعة وأعراضنا مستورة.